خطبة عن الصراع بين المصلحين والمفسدين للشيخ محمد نبيه يوضح فيها معنى الفساد وما هي أنواع الفساد ويبين عاقبة المفسدين وما هو أثر الفساد والإفساد وكيفية علاج الفساد في المجتمع.
الصراع بين المصلحين والمفسدين
اعلموا أن لقاءنا يحمل عنوان ألا وهو “الصراع بين المصلحين والمفسدين“، وإن القارئ للقرآن الكريم ليجد في القرآن ذكر الفساد والإفساد والمفسدين، ويعلم من القرآن كذلك أن الله تعالى عندما خلق الأرض خلقها صالحة لا فساد فيها ولا عليها.
قال تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10)). (سورة فصلت)
خلقها صالحة لا فساد عليها ولا فيها، ثم طرأ عليها الفساد (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). (سورة الروم:41)
فالفساد الذي طرأ على الأرض طرأ من فعل ساكنيها، والله تعالى خلق عباده حنفاء كما في صحيح الإمام مسلم (إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا). (صحيح مسلم:2865)
وذكر الله في القرآن أنه لا يحب الفساد (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)). (سورة البقرة)
وهذه الآية ذكر الإمام الطبري رحمه الله تعالى أنها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وكان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم وبين أنه أسلم وقال: (يا محمد أسلمت والله يعلم إني صادق)، ثم ترك النبي عليه الصلاة وأزكى السلام فأتى مزرعة لأحد الصحابة الكرام فخربها وعقر ما فيها من حُمُر وارتد عن دينه وسار ومن ثم نزلت الآية.
اقرأ أيضا: خطورة أكل الحرام وأثره
ما هو معنى الفساد؟
معنى الفساد هو: تحول منفعة الشيء النافع إلى مضرة به أو بغيره، وقد يطلق على وجود الشيء مشتملاً على مضرة وإن لم يكن فيه نفع من قبل. يقال: فسد الشيء بعد أن كان صالحاً، ويقال: فاسد إذا وجد فاسداً من أول وهلة.
الفساد في الاصطلاح هو: خروج الشيء عن حد الاعتدال، قليلًا كان أو كثيراً، ويستعمل ذلك في النفس، والبدن، والأشياء الخارجة عن الاستقامة.
الإفساد هو: فعل ما به الفساد، والهمزة فيه للجعل، أي: جعل الأشياء فاسدة، وكذلك يقال: أفسد إذا عمد إلى شيء صالح فأزال صلاحه، ويقال: أفسَدَ إذا أوجد فساداً من أول الأمر.
ما هي أنواع الفساد؟
ذكر الله تعالى للفساد في كتابه أمثلة، ذكر مثالاً في الفساد الإداري ومثالاً في الفساد الاقتصادي.
في الفساد الإداري قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). (سورة القصص:4)
كان فرعون مكثراً من الإفساد بكل أنواعه وقد بنى وشيد الأبراج العالية والأصنام المنصوبة فيما يطلق عليه (الحضارة الفرعونية) فإنها جميعاً شواهد على استبداد وسيطرة وطغيان الفراعين الذين كانوا يطمعون أن ينقلوا معهم الثروات المسروقة من الشعوب المستضعفة إلى قبورهم.
وذكر الله تعالى أن فرعون لما جاءه موسى عليه السلام قال فرعون: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ). (سورة غافر:26)
تنصل فرعون من الإفساد ورمى به موسى عليه السلام فتحقق المثل المضروب (رمتني بدائها وانسلت) يعني اتهمتني بما فيها، فرعون هو المفسد ويخاف من موسى الإفساد.
ومثلما كان فرعون مفسداً بنفوذه السياسي فقد كان قارون مفسداً بنفوذه المالي الاقتصادي، وقد كان قادراً على استعمال أمواله في الإصلاح في الأرض، ولكنه أبى إلا أن يستعمل نعمة الله في محاربة الله.
وقد قال له الناصحون من قومه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي). (سورة القصص)
اقرأ أيضا: خطبة عن الفساد ومخاطره
عاقبة المفسدين
ذكر الله تبارك وتعالى أن عاقبة المفسدين الدمار، قال الله تعالى في شأن فرعون: (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)). (سورة الغاشية)
وقال تعالى في شأن قارون: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ). (سورة القصص:81)
فعاقبة المفسدين الخسف والعذاب.
وبين الله سبحانه وتعالى أن الفساد إذا استشرى وانتشر حيث لا مصلح ولا منكر يظن المفسد أنه المصلح ويجعل في اعتقاده أن المصلحين هم المفسدون، وقد أوسع المتعالون من بني إسرائيل الأرض فساداً، فكلما زاد علوهم زاد فسادهم.
قال تعالى عنهم: (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا). (سورة الإسراء:4)
وكثر فسادهم وإفسادهم حتى صار الإفساد ديدنهم، وصار طبيعة فيهم حتى أنهم لا يشعرون بذلك، ولذا الله تعالى يقول: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ). (سورة البقرة:11)
ولم يفلح معهم العلاج، حتى الوحي الذي أنزل من السماء لم يمنعهم من الإفساد، بل كانوا يوغلون في الطغيان حتى فيما بينهم، فصاروا ميؤوساً من صلاحهم واستحقوا أن يكونوا الأمة المغضوب عليها إلى يوم القيامة بسبب فسادهم وإفسادهم.
قال تعالى: (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). (سورة المائدة:64)
الفساد في بني إسرائيل لم يكن على مستوى الساسة والقادة والزعماء فقط، بل وصل إلى من يفترض أنهم يقفون في وجه الفساد إصلاحاً وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، فقد سكت علماء الضلالة فيهم عن إنكار المنكر.
قال تعالى: (وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)). (سورة المائدة)
إن الصراع الواقع على ظهر الأرض منذ بدأت عليها الحياة البشرية، إنما هو صراع بين المصلحين والمفسدين والعاقبة فيه لأهل الصلاح في الدنيا والآخرة.
وقد بين الله تبارك وتعالى أنه لا بد وأن تنتصر فئة للإصلاح (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ). (سورة هود:116)
وبين الله تعالى أن الإصلاح ما دام موجوداً لن يكون عذاب ولا هلاك (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ). (سورة هود:117)
وبين الله تعالى أن العاقبة لأهل الإصلاح (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). (سورة القصص:83)
للمصلحين طرق ومناهج للإصلاح، كما أن للمفسدين سبل وطرائق للإفساد وعلى الناس أن يتبعوا سبيل المصلحين ويجتنبوا سبل المفسدين، قال تعالى: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)). (سورة الشعراء)
إذا بهذا الاختصار الموجز تبين لنا أن القرآن ما غفل شيئاً، ذكر كل شيء (مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ). (سورة الأنعام:38)
إنما الغفلة فينا إخوتي الكرام تجنبنا طريق النبي عليه الصلاة وأزكى السلام أبعدتنا الشياطين عن الصلاح والإصلاح وأوقعتنا فيما فيه الناس من فساد لذلك شاهت الحياة.
إن أثر الفساد والإفساد ليس له حدود لو سارت الأمور على مقتضى أهواء المفسدين، فالكون كله يفسد لو سارت أموره بحسب أهواء أهل الفساد قال تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ). (سورة المؤمنون:71)
ولو لم يقف المصلحون في وجه المفسدين لعم الفساد أرجاء الأرض ولشمل الضلال كل أطرافها، ولكن من رحمة الله أنه يدفع فساد المفسدين بجهاد المصلحين (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ). (سورة البقرة:251)
اقرأ أيضا: خطبة عن الحق والباطل
الغش في الامتحانات
اعلموا أن من الفساد المنتشر في هذه الأيام بالذات “الغش” موسم الامتحانات وموسم الأضاحي، الغش في الامتحانات جريمة كبيرة من الكبائر والحديث واضح (مَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا). (صحيح مسلم:101)
ومعنى (ليس منا) ليس من هدينا ليس من طريقتنا ليس من منهجنا وبعض أهل العلم يحمله على التبري يعني ليس من المسلمين، من غش المسلمين فليس منهم.
والعلماء يقولون الغش من الكبائر لأنه يهيئ جيلا لا يصلح للقيادة ويكون خطرا على مستقبل الأمة فالغش فساد وإفساد ومن يروجون له مفسدون في الأرض وهو خيانة لمسؤلية الراعي والرعية لقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ). (صحيح البخاري:5200)
إذا أخي الكريم “الغش” تقول والله أنا مجبر، وسائل شتى يلقيها الشيطان ليخوفك، أنا عندما أسمح بالغش في الامتحانات أنا بهذا أقضي على مستقبل بلدي، الأجيال القادمة إذا ما تأصل الجهل فيها ضاعت لا ترى فيها بريقاً للأمل.
لذلك الغش جريمة، أنا إن يسرت للطالب أمر الغش صعبت على المجتهد حاله وأنا كنت حجراً أو عائقاً في وجه المتفوق، واليوم الورقة بتدخل محلولة له.
أنا أعرف أن ابني لم يذاكر طوال العام ووقفت بجواره ودعمت اللجنة واشتريتها واستمرأت الفساد ورفعت دعوة تظلم بالدرجات مع علمي بأنه لم يذاكر طوال العام، وأضعت بذلك على المجتهد اجتهاده، وأحوال شتى.
فالغش في الامتحانات جريمة كبيرة لأنني أدمر مستقبل الأجيال القادمة، هذه واحدة.
اقرأ أيضا: خطبة عن النفاق والمنافقين
الغش في الأضحية
أما عن الغش في الأضحية (البيوع) يشوه الحياة، الغش عموما يفقد الأمن في البلاد، يجعلني لا أأمن غيري على نفسي والحياة التي لا أمن فيها حياة تعيسة.
لذلك الله تعالى ذكر من لوازم الحياة الطيبة في الجنة (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)). (سورة الحجر)
من صفات أهل الجنة أن قلوبهم ينزع منها الغش ينزع منها الغل والحسد تنزع منها الضغائن.
الغش في الأضاحي، أذهب إلى المزرعة أريد أن أضحي فيدلس علي صاحب المزرعة في سن الأضحية، عندنا في صحيح مسلم من قول النبي عليه الصلاة وأزكى السلام: (لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ). (صحيح مسلم:1963)
إذا من الشروط أن الذبح لا يكون إلا في المسنة والمسنة كما قال العلماء قالوا: إن كانت في الضأن يكون عندها سنة وشرعت في الثانية، وإن كانت من البقر أو الجاموس أتمت السنتين ودخلت في الثالثة، وإن كانت في الإبل أتم خمس سنين ودخل في السادسة، هذه هي المسنة.
لكن اليوم صاحب المزرعة يخاف على ماله فيدلس في السن ليبيع، ويحمل البهيم ويجعل له في العلفة ملحاً زائداً ثم يتركه للماء ليشرب قبل صعوده للميزان، فيشرب الكثير من الماء ليزيد من وزنه ويبيعه.
هو غش المشتري ودلس عليه في السن وهذا غش وذاك غش، وبالغش لا نأمن على أنفسنا في الحياة إخوتي الكرام، فالغش فساد والله لا يحب الفساد، الغشاش مفسد والله لا يحب المفسدين.
اقرأ أيضا: خطبة عن التضحية في الإسلام
علاج الفساد والإفساد
إن مسؤولية المصلحين عظيمة، فواجبهم أن يعتصموا بحبل الله جميعاً ضد المفسدين، فالمفسدون مهما تباعدت ديارهم واختلفت ألوانهم وألسنتهم، فإنهم جبهة واحدة وصف واحد ضد الإصلاح والمصلحين.
وما لم يكن للمصلحين صف واحد ضدهم فالفساد سيظل يكبر ويكبر حتى لا يستطيع أحد أن يقف أمامه، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ). (سورة الأنفال:73)
إن الأمل الوحيد في إنقاذ الأرض من المفسدين في كل الأزمنة والأمكنة، يكمن في قيام أهل الحق والإصلاح بمسؤولياتهم أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وجهاداً في سبيل الله.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعمنا برحمته.