خطبة ولكنكم تستعجلون للشيخ محمد نبيه يوضح فيها الفرق بين العجلة والأناة ويبين أن العجلة في القرآن والسنة غالباً تأتي مذمومة بذكر الأحاديث النبوية الواردة.
ما الفرق بين العجلة والأناة؟
العجلة هي التسرع، يقولون في اللغة: رجل عَجل، وامرأة عَجول أي متسرع أو متسرعة، والاستعجال هو الاستحثاث على فعل الشيء قبل أوانه.
أما الأناة فهي من أنيَ إذا ترفق أو إذا تحلم أو توقف، وهذا يعني أن الأناة رفق وحلم ووقار، رفق في الفعل وحلم في القول ووقار في الهيئة.
هذا عن تعريف العجلة والوقار والأناة.
إذا نفهم من هذا أن الأناة ضد العجلة، فإذا كان في العجلة التسرع ففي الأناة البطء، ومن ثم في الحديث الذي قاله النبي عليه الصلاة وأزكى السلام لمن رآه يتخطى رقاب الناس قال: (اجلِسْ فقد آذَيتَ، وآنَيْتَ). (صحيح الترغيب:714)
أي تأخرت وأبطأت في المجيء ومن ثم أنت الآن تؤذي غيرك بتخطي رقابهم.
اقرأ أيضا: خطبة عن رحمة النبي
سب النبي صلى الله عليه وسلم
مناسبة اتخاذ العنوان ما يحدث في بلاد الإسلام في هذه الآونة من السب للنبي عليه الصلاة وأزكى السلام، والسب هذا إخوتي الكرام منهج انتهجه أعداء الإسلام في القديم والحديث، هو سلاح واحد، لكنهم يتفننون في إخراجه، ويخرجوه حسب اللزوم.
أصبح السب للنبي عليه الصلاة وأزكى السلام وسيلة من وسائل الضغط الضغط على المسلمين وعلى غير المسلمين.
على المسلمين كامتحان لمعرفة الرد خاصة بعد ما سموه بالربيع العربي، هل يكون الرد كالرد قبل ذلك أو سيزيد أو سيقل، والضغط على غير المسلمين كورقة انتخابية للقيصر أوباما، القيصر الصليبي أوباما يضغط بها على من يتولون الدعاية له في انتخاباته.
الذي يقرأ التاريخ يعرف أنه عند كل انتخاب قيصر لأمريكا يحدث مثل هذا، هذا السب أصلاً ديدن اليهود ديدن اليهود، واليهود هم الذين يتولون الدعاية لأي قيصر يريد أن يجلس على كرسي الحكم.
ومن ثم وإن لم تكن أمريكا قد أذاعت الأمر عندها في تلفزيونها أو على شاشاتها لكن خرج برضا تام منها، وما هذا إلا ورقة ضغط يضغط بها على اليهود حتى يتولوا شؤون انتخابه إلى آخره.
فعلى أي، لما كان ما كان حدث من أبناء الإسلام هيجانا غير طبيعي، والهيجان هذا غيرة على النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.
لكن إخوتي الكرام هذا الهيجان كانت له افرازات، وهذه الإفرازات من روج السباب كانت نفسه ترنو إليها، اتخذها طموحا، فكانت، فتحقق له الطموح.
حدث الهيجان، فاشعلت النيران في أكثر من سفارة، في ليبيا أولا، ثم في مصر ثانيا، ثم في السودان، ثم في غيرها وتتابعت الأقطار.
ومن ثم إعلام الغرب نقل عشوائياتنا وعرضها على من لم يعرف الإسلام وقال لهم هؤلاء هم المسلمون وهذا هو الإسلام.
ومن ثم أردت أن أتخذ العنوان “ولكنكم تستعجلون“.
اقرأ أيضا: تعريف السيرة النبوية لغة واصطلاحا
العجلة في القرآن والسنة النبوية
تعال أخي الكريم لننظر في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنرى أن العجلة في القرآن والسنة غالبا تأتي مذمومة، غالبا ليست في كل الأحايين تذم، إنما هي في الغالب مذمومة.
كذلك الأناة تأتي في القرآن والسنة غالبا محمودة، هيا لننظر في العجلة.
ما حكم العجلة في أمر الرزق؟
العجلة في أمر الرزق، قال النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، والحديث في صحيح الترغيب، (إنَّه لا تَموتُ نفسٌ حتى تسْتكمِلَ رِزْقَهَا). (صحيح الترغيب:1702)
وفي رواية ثانية قال: (لا يحْمِلَنَّكم اسْتِبْطاءُ الرِّزقِ أن تَأخذُوهُ بِمعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ لا يُنالُ ما عِندَه إلا بِطاعتِه). (الترغيب والترهيب:3/10)
الاستعجال في طلب الرزق مذموم، لماذا؟
لأنه يحمل الإنسان على الوقوع في الحرام، أنا مستعجل للرزق، ومن ثم تجدني أغش وأزور وأختلس وأقبل الرشا وآكل حق أخواتي في الميراث، لماذا؟
لأني مستعجل الرزق، ومن الرزق المناصب، أنا مستعجل الجلوس على كرسي الإدارة، ومن ثم تجدني أتملق وأداهن وأنافق وأوشي وأنم في حق غيري، عسى الوشاية أن تعطيني ورقة زائدة عند رئيسي، ومن ثم يمن علي بالمنصب.
هذا في الغالب، هذا دائما نتكلم في الغالب، ولا نعمم، في الغالب هذا ما يحدث، ومن ثم كان استبطاء الرزق واستعجاله مذموما، ولذا النبي عليه الصلاة والسلام حذر منه.
والشاعر يقول:
لا تعجلن فليس الرزق في العجل | فالرزق في اللوح مكتوب مع الاجل | |
فلو تصبرنا لجاء الرزق يطلبنا | ولكنه خلق الانسان من عجل |
إذاً هذه واحدة.
ما حكم العجلة في الدعاء؟
في الدعاء في صحيح الأدب المفرد أن النبي عليه الصلاة وأزكى السلام سمع رجلا يقول: اللهم ما كنت معذبي في الآخرة فعجله لي في الدنيا.
يعني يا رب إذا كنت قد كتبت علي عذاباً في الآخرة فعجله لي في الدنيا فإن الدنيا تفنى والآخرة تبقى.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تستطيعُه أو لا تُطيقُه فهلَّا قُلْتَ : اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ). (صحيح ابن حبان:941)
الإنسان منا عند الدعاء تصيبه العجلة فقد يدعو بشر كما قال الله في كتابه: (وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا). (سورة الإسراء:11)
من العجلة تجدني أدعو على نفسي وأنا لا أعقل ما أتكلم، من العجلة تجدني أتمنى الموت، أتمنى الموت كما حدث من العباس رضي الله عنه وأرضاه لما ألم به المرض دعا بالموت على نفسه.
فقال النبي عليه الصلاة وأزكى السلام: (لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ مِن ضُرٍّ أصابَهُ، فإنْ كانَ لا بُدَّ فاعِلًا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي ما كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْرًا لِي). (صحيح البخاري:5671)
يعني إن كان لا محالة سأدعوا على نفسي بالموت أدعوا وأشترط، أدعوا بالموت لكن أشترط أن يكون الموت على خير.
إذاً العجلة في الدعاء مذمومة.
ما حكم العجلة في طلب العذاب للكفار؟
كذلك من العجلة العجلة في طلب العذاب للكفار، من لم يؤمن بالإسلام تجد الناس يدعون عليه بالعذاب، يستعجلون نزول العذاب عليه.
والله تعالى نهى نبيه محمداً صلوات الله وسلامه عليه عن هذا، قال تعالى: (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا). (سورة مريم:84)
وقال سبحانه: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ). (سورة الأحقاف:35)
وقال سبحانه وتعالى: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا). (سورة الكهف:58)
فهذه كذلك مذمومة في كتاب الله تبارك وتعالى.
إذاً العجلة في هذه الأحوال كلها مذمومة.
ما تأثير العجلة في القرار الشخصي؟
ما منا إلا وله قرارات شخصية في حد ذاته، قرار آخذه منفرداً بلا مشورة، فأندم بعد ذلك، ما حملني على الإنخراط فيه إلا استعجالي.
كشاب يريد أن يستعف، تجده يسارع في التزوج دونما بحث، دونما تدقيق، دونما عرض الأمر على من له خبرة سابقة.
ومن ثم يوم الثاني من البناء يضرب كفا على كف، ويقول يا ليتني ما فعلت، لماذا؟ لأنه وجد عاقبة العجلة سيئة.
لكن لو تأنى وعرض الأمر على أبيه أو عرضه على أمه، أو عرضه على ذوي الخبرة من رفاقه، لكان النتاج حسنا.
كذلك قرار الطالب إثر تخرجه من الثانوية لدخول الجامعة، تجده إن لم يكن صاحب طموح يرمي بنفسه في الهلكة وهو لا يدري، وما هذا إلا استعجالا منه، إلا استعجالا منه، لكن لو عرض الأمر على ذوي الخبرة لأفادوه.
كذلك في سائر أحوال الإنسان أمثلة من هذا القبيل، خلاصة هذا كله العجلة في هذه الأحوال مذمومة.
عجلة مطلوبة
لكن هناك عجلة مطلوبة، عجلة مطلوبة، من العجلة المطلوبة التعجل في الحج.
هل يجب التعجل في الحج؟
من أراد الحج فليتعجل، فإنه لا يدري، لعل ولعل ولعل، يعني لعله لما أراد الحاج كان غنياً واجداً، ولكن لما أخر وقال سأزوج الأولاد وبعدها أحج، فلما زوج أعسر، ولعله لما أخر تصعبت الأمور في الحصول على التأشيرة، ولعله لما أخر وافته المنية، ومن ثم في الحج التعجل مطلب شرعي.
هل يجب التعجل في الضيافة؟
كذلك العجلة مطلوبة عند مجيء الضيفان، أتاني ضيف لا أقول التأني مطلوب، ومن ثم أجلس الضيف ساعة واتنين وتلاتة واربعة وخمسة.
أقول له لما نعمل لك واجبك، الضيف بعد ساعة رأى نفسه مضطرا للسفر فحمل أمتعته وسافر، وأنا ما أكرمته.
لذلك العجلة في إكرام الأضياف من هدي النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.
هل يجب التعجيل بالزواج؟
البنت إذا ما أدركت سن الزواج وأتاها خاطب يليق، تجد من الآباء من يقول لا، لا أزوج حتى تنتهي من دراستها، لا أزوج حتى يتزوج أخوها، لا أزوج حتى يكون كذا.
هنا التأني هنا شرعاً لا يجوز، لماذا؟
لأنني لو أخرت البنت لإنتهاء الدراسة لا أدري أيأتيها الخطاب أم لا، أيأتيها خاطب مثل هذا أم لا؟
ولعلي إن أخرتها حتى يتزوج أخوها لعلها تزبل وتمرض ولا يأتيها أحد، ولعل ولعل ولعل إلى هذه المسائل.
عندنا عجلة مذمومة في الغالب وعجلة محمودة، وعندنا تأني محمود في الغالب وعندنا تأني مذموم.
صور العجلة من الصحابة
تعالى لنعرض بعض الصور من العجلة التي وقعت في عصر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام من أصحابه الكرام.
ماذا قال الرسول عن خباب بن الأرت؟
أولاً: في مكة فور إعلان الدعوة، فور إعلان الدعوة لما خرجوا بالدعوة على الناس أوذي الصحابة الكرام إيذاءً شديداً حتى حرقوا بالنار.
وفي صحيح الإمام مسلم أن النبي عليه الصلاة وأزكى السلام مر على خباب بن الأرت وهو يعذب فقال له خباب: يا رسول الله ألا تستنصر لنا، ألا تدعوا الله لنا يا رسول الله؟
ما قال هذا إلا استعجالاً نظراً لما هو فيه من عذاب.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كانَ الرَّجُلُ فِيمَن قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فِيهِ، فيُجَاءُ بالمِنْشَارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُشَقُّ باثْنَتَيْنِ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، ويُمْشَطُ بأَمْشَاطِ الحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هذا الأمْرَ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخَافُ إلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ). (صحيح البخاري:3612)
يبقى العجلة هنا من شدة الاضطهاد، ومع هذا عابهم النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.
لذلك الصحابة رضي الله عنهم لما تعجلوا أو استعجلوا من شدة الاضطهاد نهاهم النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.
ماذا كان رد الرسول على عبدالرحمن بن عوف؟
عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه، يأتي يوماً من شدة ما ألم به من عذاب يقول للنبي: يا رسول الله، يوم أن كنا مشركين كنا أعزة فلما صرنا مسلمين صرنا أذلة، يعنى أتى عبدالرحمن ليأخذ الإذن بأن يقتل من يعذبه.
فقال النبي عليه الصلاة وأزكى السلام: (إنِّي أُمِرتُ بالعفوِ فلا تُقاتِلوا القومَ). (عمدة التفسير:1/540)
لم يأتني أمر بالقتال، ما أمرت إلا بالعفو، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). (سورة الأعراف:199)
ما سبب نزول الرماة من الجبل في غزوة أحد؟
ولما هاجر المسلمون للمدينة، لما هاجروا للمدينة حدثت كذلك صور فيها الاستعجال وصور كبيرة.
في غزوة أحد استعجل الرماة، استعجلوا الأمر فتركوا أمر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام ونزلوا إلى ميدان القتال يأخذوا الغنائم فكان ما كان من تحول حال المسلمين إخوتي الكرام.
ما هي نتائج صلح الحديبية على الإسلام والمسلمين؟
كذلك يوم الحديبية، لما كان الصلح وكان أهل مكة يملون ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستجيب تغيظ بعض الصحابة من كبارهم، يا رسول الله ألسنا مسلمين، يا رسول الله لماذا نعطي الدنية في ديننا، فأشار إليهم أن اسكتوا، تعجلوا، ومن ثم لما نهاهم كانت عاقبة صلح الحديبية فتح مكة، هذا تعجل.
متى تعجل عمر بن الخطاب؟
تعجل عمر رضي الله عنه وأرضاه على المنافقين، كان كلما بدى من منافق شيء قال يا رسول الله: دعني أقطع رقبة هذا، دعني أقطع، تكررت كثيراً، والنبي صلى الله عليه وسلم كان ينهاه.
كذلك تعجل عمر في تكلمه مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وأرضاه لما كتب المكتوب ليعلم أهل مكة بهمة النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، قال: لا يا عمر.
متى تعجل خالد بن الوليد؟
تعجل خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه في قتل بني جذيمة، لما أسرهم قالوا: صبأنا صبأنا، ما كانوا يحسنوا إلا هذا.
كان هدفهم من كلمة صبأنا أي تركنا ما عليه آباؤنا يعني أسلمنا، ما عرفوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا: صبأنا، فقتلهم خالد.
فلما علم النبي عليه الصلاة وأزكى السلام قال: (اللَّهُمَّ إنِّي أبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ خَالِدُ). (صحيح البخاري:7189)
وهكذا إخوتي الكرام، فهذه صور من العجلة التي وقع فيها أصحاب النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، ومع هذا ما تركهم النبي ولكن أدبهم وأمرهم بالتأني.
الله أسأل أن يرزقنا وإياكم الرفق والحلم والوقار، هذا وإني أستغفر الله العظيم لي ولكم.
العجلة في الرضا
العجلة مذمومة حتى ولو كانت في الرضا.
نبي الله موسى أصابته العجلة فخرج للقاء ربه، فعاتبه الله في هذا. قال: (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ (84)). (سورة طه)
هنا لامه الله وعاتبه، لامه الله وعاتبه، وعلل موسى سبب عجلته قال: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ). (سورة طه:84)
كذلك قال الله تعالى للنبي عليه الصلاة وأزكى السلام أثناء نزول القرآن كان يعجل بالقرآن يردده كثيرا، قال: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا). (سورة طه:114)
وقال سبحانه: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ) الى اخر ما قال الله تعالى في سورة القيامة.
إذاً هنا عجلة في أمر محمود، لكن لا تعجل.
يقول قائل: أنت بهذا تبعدنا عن فعل خير كثير.
نقول: لا، هناك فرق بين العجلة والمسارعة، العجلة تسرع والتسرع فيه طيش وقد تلزمه حماقة، أما المسارعة لا طيش فيها ولا حماقة.
ما الفرق بين التسرع والمسارعة؟
التسرع استعجال الشيء قبل أوانه، مثال. إنسان اشترى لحماً، ووضعه في الآنية على البوتاجاز، من تسرعه وعجلته، رايح جاي استوت ما استوتش استوت أول واحدة لسع في لسانه، الثانية شد فكسر أسنانه، الثالثة والرابعة حتى اذا نضج الطعام ما استطاع أن يأكله.
خلاص لا أصبح عنده فم سليم ولا ضرس سليم، هدم أضراسه وكسرها وإيه؟ وكوى فمه، فلما نضج الطعام ما استطاع أن يأكله. لماذا؟ لأنه تسرع.
لكن المسارعة المبادرة في أول الوقت، التسرع استعجال الشيء قبل أوانه، المسارعة مبادرة في أول الوقت.
يعني الظهر، أول وقته عندما تزول الشمس عن كبد السماء، تجده يسارع للمجيء، يسارع للمجيء، فالمسارعة مبادرة في أول الوقت أما العجلة تسرع استعجال الشيء قبل أوانه قبل أوانه.
لذلك لابد وأن نفصل في المسألة، لا تكن متسرعا لكن كن مسارعا، المسارعة بالخيرات دأب المسلمين، أما التسرع دأب من لا فقه عنده ولا علم.
إذاً إخوتي الكرام عسانا أن نكون وعينا الهدف، فالهدف لا نستعجل.
ما المقصود من قوله تعالى “لا تنفقوا على من عند رسول الله”؟
لما عادوا من بني المصطلق وحدث ما حدث قال قائلهم: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا.
تعرف معنى الكلمة، معنى الكلمة لا ينفق أحد منكم على المهاجرين حتى يجوعوا ومن ثم ينفضوا عن بلادنا.
في هذا تأليب على قلب نظام الحكم، ومع هذا أمرهم بالتأني عليه الصلاة وأزكى السلام، قالوا في رسول الله ما قالوا وأمرهم بالتأني.
لذلك أشيع بين الناس أن ساب النبي يقتل دون إذن ولي الأمر، بإدعاء أن صحابياً سمع جاريته تسب النبي عليه الصلاة وأزكى السلام فقتلها.
فرفع أمره للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: يا رسول الله ما فتأت عن مسبتك، فسكت النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.
هل في هذا إشعار بجواز أن أقتل أنا من يسب النبي صلى الله عليه وسلم دون رفعه إلى ولي الأمر، أبداً، قياس مع الفارق.
جارية الرجل ملكه، ملك يمينه، لكن من يسب ليس ملكاً لي أنا، للسيد أن يؤدب أمته، صحيح تعدى الأدب إلى القتل، لكن السيد لا يقتل في عبده فالمسائل تختلف يا جماعة.
لذلك غيرتي على النبي عليه الصلاة وأزكى السلام أن أرعى سنته، وأن ألتزم منهجه، وأن أتمنى أن ألقاه يوم القيامة وهو على حوضه، عساي أن أشرب من يده شربة لا أظمأ بعدها أبدا.
لكن نصرتي للنبي أقوم بالهرج والمرج دونما صلاة أو طاعة أو عبادة، اسمحوا لي هذه عجلة ما أنزل الله بها من سلطان.
الله أسأل أن يلهمنا رشدنا ويفرج كربنا ويزح همنا، ويتولى أمرنا ويحسن خلاصنا.