تخطى إلى المحتوى

وصية العشر من ذي الحجة

مشاركة:

وصية العشر من ذي الحجة نوضح فيها أعمال العشر من ذي الحجة وفضلها عسى الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يعيد علينا هذه الأيام ونحن في خير وعافية.

وصية العشر من ذي الحجة
وصية العشر من ذي الحجة

مقدمة عن العشر من ذي الحجة

قال الله تعالى في كتابه: (وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)). (سورة الفجر)

قال المفسرون: أقسم الله تعالى بالليالي العشر لشرفها وفضلها، والمفسرون على خلاف في الليالي العشر، بعضهم يقول هي العشر الأواخر من رمضان، وبعضهم يقول العشر الأوائل من المحرم، وبعضهم يقول العشر الأوائل من ذي الحجة.

ولعل الراجح أنها العشر الأوائل من ذي الحجة لقوله تعالى: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ). (سورة الفجر:3)

قالوا الوتر يوم عرفة لأنه يوم التاسع، والشفع يوم النحر.

وهذه العشر، الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله تعالى من الأعمال في غيرها، كما ذكر ذلك الإمام النسائي والإمام الترمذي في السنن أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام)، يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: (ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ). (صحيح أبي داود:2438)

إذاً الأعمال الصالحة في هذه العشر أعلى ثواباً من الجهاد في سبيل الله.

ما هي أعمال العشر من ذي الحجة؟

الأعمال الصالحة كثيرة، أزكاها وأجلها ما فرضه الله تعالى على عباده، لما جاء من قول النبي عليه الصلاة وأزكى السلام وهو يبلغ عن الله تعالى: يقول الله جل جلاله: (ما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ). (صحيح البخاري:6502)

الشاهد في الرواية: أن أجل الأعمال الصالحة ما فرض الله تعالى على العباد، ومن ثم ينبغي أن نحرص على الجماعات، وينبغي أن نحرص على الأعمال المفروضة ثم الأعمال الواجبة، فإن تبقى وقت فالأعمال النفلية.

والأعمال النفلية السنن قبل الصلوات وبعدها، وسنة الضحى، وقيام الليل، وصيام التسع، والإمساك عن الشعر والظفر لمن أراد الأضحية، كل هذه أعمال طيبة.

وكذلك من الأعمال الواجبة المودات، والصلات، وإصلاح ذات البين.

المودات يعني نمي المودة بينك وبين قريبك، بينك وبين رفيقك، بينك وبين جارك، بينك وبين الناس.

كذلك عليك بالصلة فإن الصلة سبب في بسط الرزق، وسبب في البركة في الولد، وسبب في بركة العمر، كما أخبر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). (صحيح البخاري:5986)

صلة الأرحام

الصلة إخوتي الكرام ليس معناها أن من يأتي إلي أذهب إليه، إنما الصلة لا تكون إلا للقطيعة، الحبل مستقيم أو متصل إذا انقطع وأريد أن أصله لابد أن أربط طرفاً بطرف.

ومن ثم من يأتيني وأذهب إليه لا يقال لها صلة، إنما يقال لها مكافأة، مرضت فعادني ومرض فعدته، يبقى النتيجة واحد واحد، نجحت فهنئني، ونجح ولده فهنئته، واحد واحد، دي مكافأة.

أما الصلة أن أصل من قطعني، كما في الحديث قال صلوات الله وسلامه عليه: (ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها). (صحيح البخاري:5991)

لما يبقى واحد من أقربائي لا يحبني وقاطعني، وأنا أريد أن أتقرب لله في هذه العشر علي أن أذهب إليه أنا، وأصله طمعاً في ثواب الله، وطمعاً في رحمة الله، وطمعاً في عفو الله، وطمعاً في الزيادة، وتأسياً بالنبي صلوات الله وسلامه عليه.

والنبي عليه الصلاة وأزكى السلام أتاه بعض أصحابه وقال: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إليهِم وَيُسِيؤُونَ إلَيَّ، وَأَحْلُمُ عنْهمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقالَ: (لَئِنْ كُنْتَ كما قُلْتَ، فَكَأنَّما تُسِفُّهُمُ المَلَّ). (صحيح مسلم:2558)

يعني عاود الكرة بعد الكرة، والمرة بعد المرة، اذهب إليه مرة واثنين بإستمرار، لا تقطعه، فإنك بذهابك إليهم، كأنما تجعل المن – التراب الحار – في أفواههم، التراب الحار يعني السكن اللي هو تحت النار.

يبقى إذاً من قطعني فعلي أن أصله، ومن أساء إلي علي أن أحسن إليه، ومن ظلمني علي أن أعدل فيه، وأتقي الله فيه.

هذه أخلاق نحن في حاجة إليها الآن، ايه الاشكالية، ما هو سبب ما نحن فيه من عطب أن أخلاقنا لم تكن على أخلاق السابقين، فإن أردنا أن نزيح هذا العطب علينا أن نتخلق بأخلاق سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه.

إن حسنا في أخلاقنا سيحسن الله أحوالنا، علينا أن ننبذ الخلافات، والشرذمة ونصبح أمة واحدة، نضع الخلافات ناحية حتى يكون العيد عيداً.

إصلاح ذات البين

كذلك من الأعمال الصالحة الشغل في إصلاح ذات البين، والله تعالى وعد على إصلاح ذات البين أجراً عظيماً، قال الله تعالى: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). (سورة النساء:114)

ممكن يبقى أنا معرض وداني والتاني معرض ودانه، وواحد يدخل في النص كده يقرب بيني وبين التاني، حتى ولو بالكذب، ما هو المشكلة النهاردة اللي بيصلح بيفسد، بيفسد ليه؟

بيسمع مني كلمة في العصبية، يروح يقوله على فكرة انت عامل في الراجل دا ايه؟ ده بيقول فيك ويقوم يكبر ويضخم الحكاية.

لا، اسمع مني، والغي كلامي، واسمع من خصمي، والغي كلامه، وهات كلام جديد، واحلفلي بالله إن ده حق، حلفك بالله في هذه المسألة ما فيه اشكالية ولا حرام ولا كفارة، والكذب في هذه الأحوال تثاب عليه كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.

متى يكون الكذب مباحاً؟

النبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث: (كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: لا أعدُّه كاذبًا الرجلُ يصلحُ بين الناسِ يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا الإصلاحَ). (صحيح أبي داود:4921)

ما هو هناك صدق يعذب به صاحبه، وهناك كذب يرحم به صاحبه، احفظها كويس، أنا سمعتك بتقول كلمة في فلان، روحت قولتله يا فلان، ده فلان بيقول فيك كلمة، بيقول كذا وكذا وكذا.

أنا ما قلت إلا الصدق، لكن ما كان هدفي إلا الفساد، يبقى ده صدق موصل لايه موصل لجهنم، هي النميمة ايه؟

النميمة نقل خبر صادق بغرض الإفساد والوقيعة، أنا عملت نار بين الاتنين وهذه نميمة، وهي صادقة، لكن نميمة، والنميمة من أكبر الكبائر.

أما الكذب بين المتخاصمين، أنا أكذب حتى يقرب الله بينهما، حتى يصلح الله بينهما.

أنا بهذا بالكذب بين المتخاصمين آخذ ثواباً، أتعبد لله بالكذب، لكن لما أصدق بين اتنين لأوسع ما بينهما ولأفسد العلائق، أنا هنا يعني والعياذ بالله بتعبد للشيطان بالصدق.

يبقى افهم معايا، اكذب بين المتخاصمين قرب بينهم، ممكن يبقى الخصمين دول زوج وزوجته، ممكن يبقى ولد وأبيه، ممكن يبقى واحد وأمه، ممكن يبقى واحد وأخته، ممكن يبقى جار وجار، ممكن يبقى رفيقين.

اسعى، كن بادرة خير، خليك مفتاح خير مرة، ولا تكن مغلاقاً أبداً للخير، خليك مفتاح خير مغلاق للشر.

هذه أحوال ينبغي أن نتعبد بها في هذه العشر عسى الله تعالى أن يجعل العيد عيداً.

الصيام

في الصيام اللي يقدر يصوم التسعة خير وبركة، اللي ما يقدرش الإثنين والخميس، اللي ما يقدرش يصوم عرفة كفاية.

ففي صيام عرفة كفارة لذنوب سنتين كما أخبر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.

كذلك عليك بأن تنظر في أحوال المساكين، والضعاف، والمحاويج، والأرامل، فيه ناس بتذبح ليلة النحر، بيذبحها من قبيل التوسعة، هذا عمل مبارك، والله تعالى يعطيه عليه الخير الكثير لكن لا ينسى ولا يغفل هؤلاء.

وفيه ناس بتذبح الأضحية بعد صلاة العيد، يذبح وكذلك لا ينسى هؤلاء.

وليعلم كل إنسان منا أن الله تعالى يبقي لنا ما ندخره عنده، لا يبقيه كما هو، إنما ينميه كما يربي أحدنا فلوه أو فصيله، ينميه الله تعالى حتى يكون لصاحبه كجبل أحد كما أخبر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام.

الله أسأل أن يعيد علينا هذه الأيام ونحن في خير وعافية، ونسأله تعالى أن يحول حالنا إلى أحسن حال، ونسأله تعالى أن يزيدنا أمناً وأماناً، وسلامة وإسلاماً إنه ولي ذلك والقادر عليه، هذا وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *