تخطى إلى المحتوى

خطبة عن مصادر التشريع

مشاركة:

خطبة عن مصادر التشريع بعنوان (إعلام الجميع بكيفية التعامل مع مصادر التشريع) للشيخ محمد نبيه يوضح فيها مصادر التشريع وعواقب سوء فهم النصوص الشرعية ويبين الطريقة الصحيحة لفهم النص الشرعي ويذكر قواعد التعامل مع النص الشرعي.

مصادر التشريع الإسلامي
مصادر التشريع الإسلامي

مقدمة عن مصادر التشريع

الجهل بمصادر الشريعة المتفق عليها والمختلف فيه يجعل التعامل مع النص قولا على الله بغير علم وهو من أكبر الجرائم، وأعظم المنكرات التي قد تؤدي إلى الكفر أو الشرك أو عظائم البدع التي تجعل صاحبها على شفا جرف هار فتنهار به في نار جهنم – أعاذنا الله منها.

يقول تعالى في سورة الأعراف: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ). (سورة الأعراف:٣٣)

استنبط ابن القيم من الآية أن رتب المحرمات أربع، أدناها:

  1. إتيان الفواحش كالزنا والسرقة والقذف وغيرها.
  2. أعظم منها الإثم والبغي والظلم بغير حق.
  3. وأعظم منها الشرك بالله سبحانه وتعالى.
  4. وأعظم من الشرك القول على الله بغير علم.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فالقول على الله بغير علم أعظم من الشرك، حيث إن الشرك غالبًا تقتصر مضرته على صاحبه، أما القول على الله بغير علم فإن مفسدته متعدية إلى الآخرين.

ومن ذلك قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)). (سورة العنكبوت)

فجرم القول على الله بغير علم لأنه يؤدي إلى كوارث في كثير من الأحيان، ففي سنن أبي داود بإسناد حسن عن عبد الله بن عباس قال: أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم احتلم، فأمر بالاغتسال، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ؟).

ومن هنا جاء التحذير والوعيد الشديد لمن يصف الأشياء بالحل أو الحرمة دون دراية بفقه النص في قوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)). (سورة النحل)

وحذر سبحانه في سورة الإسراء فقال: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً). (سورة الإسراء:٣٦)

سوء فهم النصوص الشرعية

سوء الفهم للنصوص الشرعية، فسوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة – لا سيما إن كان عن سوء قصد – فما خرجت الخوارج وما افترقت الفرق إلا بسبب سوء الفهم عن الله ورسوله.

من أسباب سوء الفهم الخاطئ للنصوص الشرعية: التعصب للرأي، والجهل بمقاصد الشريعة وأحكامها، وعدم اتباع منهج السلف من أهل السنة والجماعة في فهم النصوص، والخلل في مصادر التلقي للعلم الشرعي – البعد عن العلماء – والجهل بالعلم الشرعي.

والفهم الصحيح يحتاج إلى إعمال العقل وتنمية مهارات التفكير بعد التمكن من العلوم الشرعية وعلوم الآلة كعلم اللغة وأصول الفقه وأصول التفسير ونحو ذلك، والرجوع إلى العلماء والتلقي عنهم يعين على الفهم الصحيح لمعاني النصوص الشرعية، والرجوع إليهم من أسباب العز والنصر والاستقرار، وقبل ذلك وبعده لجوء العبد إلى ربه أن يرزقه الفهم عنه وعن رسوله.

فالفهم الصحيح: هو حسن تصور المعنى المراد من لفظ المخاطِب وإدراك مراميه، وهو المراد بالفهم عن الله ورسوله أي العلم والمعرفة بمعاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

والفهم الفاسد: هو الذي لم يستمد من كتاب الله، ولا عن سنة رسول الله، المخالف لسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان.

مصادر التشريع الإسلامي

مصادر التشريع المعتبرة عند الأصوليين أربعة، وترتيبها كالتالي: القرآن – السنة – الإجماع – القياس.

أما الرتبة الأولى فالجمهور على أن القرآن مقدم على السنة، والسنة مقدمة على الإجماع، والإجماع مقدم على القياس.

مصادر التشريع المختلف فيها

  • الاستحسان: قال بحجيته ومصدريته الأحناف والمالكية وغالب الحنابلة، وعارضه الشافعي وأبطله.
  • المصالح المرسلة: قال بحجيتها ومصدريتها المالكية والحنابلة وكثير من الحنفية، ومنعه غالب الشافعية، وقالوا بعدم حجيتها.
  • الاستصحاب: اعتبره الشافعية والمالكية والحنابلة، وأنكر حجيته كثير من الحنفية.
  • العرف: قال بحجيته جميع الأئمة، فالعادة محكمة، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا عندهم بضوابطه وشروطه.
  • سد الذرائع: أخذت به المالكية والحنابلة، ومنعه كثير من الحنفية والشافعية.
  • قول الصحابي فيما فيه مجال للاجتهاد: مختلف في حجيته.

هذه المصادر وغيرها مأخوذة من النص، وحجيتها مرتبطة باعتبار النص لها، فمن اعتبرها دلل عليها من الكتاب والسنة، ومن أنكرها لم يعتبر دليلها من الكتاب والسنة عند من قال بحجيتها.

قاعدة (لا اجتهاد مع النص) المقصود بالنص هنا النص قطعي الدلالة قطعي الثبوت، وقاعدة (إذا صح الحديث فهو مذهبي) عند عدم وجود المعارض، وليس ذلك إلا للمجتهد فقط، وأما فهم بعض العامة على أن كل مخطئ له أجر أخذاً بظاهر الحديث، فصوابها أن المخطئ الذي يأخذ الأجر إنما ذلك لمن توافرت فيه شروط الاجتهاد، وليس لعموم المسلمين.

كيف نفهم النص الشرعي؟

النص لغة: هو ارتفاع الشيء ووصوله منتهاه ويطلق على الأمر إذا ظهر وانكشف، أما النص اصطلاحا: هو ما دل على معناه دلالة واضحة قاطعة.

ويطلق على دليل الكتاب والسنة قطعي الدلالة أو ظني الدلالة، إن كان دليل القرآن والسنة قطعيا فلا مجال للاجتهاد في وجوده، أما إن كان الدليل ظني الدلالة فللاجتهاد معه مجال.

فالتعامل مع النصوص يحتاج للنظر إلى أسباب هلاك من سلف من الأمم كاليهود والنصارى فمن أسباب هلاكهم تحريفهم وهذا بسوء توظيف نصوص شريعتهم وتعديهم عليها، وحذرنا الله في كتابه من طريقتهم كما في سورة الفاتحة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)).

وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع منهجهم كما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فَمَنْ). (صحيح البخاري:7320)

وروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ). قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: (الْجَمَاعَةُ). (صحيح ابن ماجه:3241)

وروى الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ، إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً). قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: (مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي).

وحذرنا الله من مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: (لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). (سورة النور:63)

وأمر باتباعه صلى الله عليه وسلم: فقال: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (سورة آل عمران:31)

قواعد التعامل مع النص الشرعي

فالتعامل مع النص الشرعي يحتاج إلى الالتزام بقواعد منها:

اعتقاد كمال الدين وتمامه: قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا). (سورة المائدة:3)

ومنها: تعظيم النص مع كامل الرضا والتسليم: قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا). (سورة الأحزاب:36)

وقال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). (سورة النساء:65)

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ). (صحيح البخاري:2697)

ومنها أن صحيح المنقول لا يعارض صريح المعقول: قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). (سورة الأعراف:54)، فالخالق هو الآمر ولا يأمر إلا بما يفهم ويطاق.

ومنها أن النصوص متوافقة ولا تعارض بينها: قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا). (سورة النساء:82)

وقال تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ). (سورة البقرة:2)

وقال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ). (سورة الكهف:1)

وكذلك من قواعد التعامل مع النص الشرعي أن يعلم أن لا يعارض النص بالرأي: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). (سورة الحجرات:1)

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). (سورة النساء:59)

ومن القواعد أيضا: قبل ادعاء التعارض تحاول أن توفق بين النصوص وهذا من خلال فقه العام والخاص والمجمل والمبين والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ، وأن يحمل المجمل على المبين والعام على الخاص والمطلق على المقيد.

حمل المجمل على المبين

المجمل هو: المبهم والمجموع وهو ما كان محتملا لأكثر من معنى بغير رجحان مثل قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ). (سورة البقرة:43)

فأي صلاة أهي الدعاء: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). (سورة التوبة:103)، أو الصلاة بركوعها وجودها وتحريمها وتحليلها.

أما المبين هو ما دل على المعنى المراد، ومثاله: ما ورد من صفة صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

حمل الخاص على العام

معنى العام وأنوعه

أما العام هو الشامل وهو اللفظ المستغرق لكل ما يصح، وصيغ العموم الواردة في النصوص الشرعية، من حيث قبولها للتخصيص يمكن تقسيمها إلى قسمين:

الأول: عام لا يقبل التخصيص مطلقاً

وهذا النوع من العموم نجده في النصوص التي تتحدث عن السنن الكونية الثابتة التي لا يعتريها تغيير أو تبديل، كقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) (سورة آل عمران:185)، فلا توجد نفس لا تموت.

كما نجده في الأحكام التكليفية المبنية على علة ثابتة لا تتغير، كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) (سورة النساء:23)، فلا توجد أم يحل لابنها الزواج منها، والعلة الثابتة التي بنى عليها الحكم هي تقطيع الأرحام.

الثاني: عام يقبل التخصيص

وهذا النوع يمكن تقسيمه إلى قسمين:

أولاً: عام صحبته قرينة مخصصة: وهو عام يراد به الخصوص قطعاً، ومثاله: قوله تعالى: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (سورة آل عمران:97)، فقد خرج من عموم المكلفين الصبيان والمجانين، وغير القادرين على تأدية الحج سواء أكان من الناحية المالية أم من الناحية الجسمية لمرض معجز ونحوه.

ثانياً: عام لم تصحبه قرينة مخصصة: وإنما المخصص يوجد في نص آخر، ومثاله: قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (سورة البقرة:228)، فالآية عامة ودلت على أن كل مطلقة عدتها بالحرص.

معنى الخاص

أما الخاص: هو ضد العام وهو قصر حكم العام على بعض أفراده: ومثاله: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (سورة الطلاق:4)، ففي الآية احكام خصصت العام في آية البقرة وبينت أن عدة اليائس والصغيرة بالأشهر والحائض بوضع الحمل.

وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) (سورة الأحزاب:49)، فهذه الآية أخرجت المطلقة قبل الدخول من العموم وأفادت انها لا تعتد.

فالصحيح حمل الخاص على العام.

حمل المطلق على المقيد

المطلق ضد المقيد وهو ما دل على الحقيقة بلا قيد، مثل قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (سورة المجادلة:3)، فالرقبة في الآية مطلقة.

والرقبة المقيدة مثل قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). (سورة النساء:92)

كذلك من قواعد التعامل مع النص الشرعي العلم بما يفيده الأمر والنهي: فالأمر والنهي يفيدان الوجوب ما لم يصرفهما صارف، فالأمر: طلب الفعل على وجه الاستعلاء، والنهي هو: استدعاء الترك بالقول على وجه الاستعلاء.

ومن القواعد أن يلم بفقه الترجيح: فالترجيح هو تقوية أحد الدليلين على الآخر، ومثاله:

  • كترجيح رواية الصحابي صاحب الواقعة على غيره.
  • وترجيح رواية الراوي على رأيه.
  • وترجيح رواية المثبت على التنافس.
  • ترجيح المنطوق على المفهوم.
  • ترجيح النص على الظاهر.
  • ترجيح الظاهر على المسؤول.
  • ترجيح القول على الفعل.
  • ترجيح الحظر على الإباحة.
  • ترجيح الخاص على العام.
  • ترجيح العام المحفوظ على غير المحفوظ.
  • ترجيح الحقيقي على المجاز.
  • ترجيح ما ذكرت علته على ما لم تذكر علته.
  • ترجيح الإجماع القطعي على الظني.
  • ترجيح القياس الجلي على الخفي.

ومن القواعد: أن يعلم أن النص يفسر بالنص قرآنا كان أو سنة، وأن يعلم أن السنة تشرح القرآن وحاكمة عليه وتستقل بأحكام خاصة، قال تعالى: (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). (سورة الحشر:7)

وقال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ). (سورة النحل:44)

وقال تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا). (سورة النساء:80)

روى أبو داود بإسناد صحيح عن المقدام بن معدي كرب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهَدٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ). (صحيح أبي داود:4604)

ومن القواعد أيضاً: أن تفهم النص على فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا). (سورة النساء:115)

ذكر البغوي في شرح السنة: ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﺃﻣﺎ ﺗﺨﺎﻓﻮﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﺬﺑﻮا ﺃﻭ ﻳﺨﺴﻒ ﺑﻜﻢ، ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻮا: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ.

ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﺃﻭﺻﻨﻲ. ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺘﻘﻮﻯ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ، اﺗﺒﻊ ﻭﻻ ﺗﺒﺘﺪﻉ.

ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ: اﺗﺒﻌﻮا ﻭﻻ ﺗﺒﺘﺪﻋﻮا، ﻓﻘﺪ ﻛﻔﻴﺘﻢ.

ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺬﻳﻔﺔ: ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻘﺮاء، اﺳﺘﻘﻴﻤﻮا ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻘﺘﻢ ﺳﺒﻘﺎ ﺑﻌﻴﺪا، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﺗﻢ ﻳﻤﻴﻨﺎ ﻭﺷﻤﺎﻻ، ﻟﻘﺪ ﺿﻠﻠﺘﻢ ﺿﻼﻻ ﺑﻌﻴﺪا.

ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ: ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻨﺎ ﻓﻠﻴﺴﺘﻦ ﺑﻤﻦ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ، ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻛﺎﻧﻮا ﺧﻴﺮ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ، ﺃﺑﺮﻫﺎ ﻗﻠﻮﺑﺎ، ﻭﺃﻋﻤﻘﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎ، ﻭﺃﻗﻠﻬﺎ ﺗﻜﻠﻔﺎ، ﻗﻮﻡ اﺧﺘﺎﺭﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻟﺼﺤﺒﺔ ﻧﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻧﻘﻞ ﺩﻳﻨﻪ، ﻓﺘﺸﺒﻬﻮا ﺑﺄﺧﻼﻗﻬﻢ ﻭﻃﺮاﺋﻘﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺪﻱ اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ.

التعامل مع النص من حيث الثبوت

قسم العلماء النص من حيث الثبوت والورود إلي قسمين:

  1. ما ورد بطريق التواتر.
  2. وما ورد بطريق الآحاد.

وقسموا التواتر قسمين:

  1. لفظي.
  2. معنوي.

وقسموا الآحاد ثلاثة أقسام:

  1. غريب.
  2. عزيز.
  3. مستفيض.

وزاد الأحناف قسمًا ثالثًا وهو المشهور، فأقسام النص من حيث الثبوت عندهم ثلاثة: متواتر – مشهور – آحاد، والحديث المشهور عند الأحناف واسطة بين المتواتر والآحاد.

ومن المعلوم عند العلماء أن القرآن الكريم ثبت بطريق التواتر، فالقراءات المتواترة كلها محل اعتبار، واختلفوا فيما ورد بطريق الآحاد هل يسمّى قرآنًا، وهل يصل أن يكون مرجعًا لاستنباط الأحكام منه، وهذا الاختلاف مبني على ثبوت هذه القراءات بطريق الآحاد.

ومن المعلوم أيضًا أن السنة النبوية منها ما هو المتواتر بنوعيه اللفظي والمعنوي، ومنها ما هو الآحاد بغريبه وعزيزه ومستفيضه.

وعلى هذا الأساس اختلف العلماء في أخبار الآحاد وما تفيده من القطع أو الظن.

والخلاصة: أنه حتى يكون التعامل مع النص صحيحًا لا بد من دراسة المسائل المتعلقة بالتواتر والآحاد، والوقوف على كلام العلماء في شروط التواتر ومدى انطباقها على النصوص حتى نقول إنها تفيد القطع أو الظن.

دراسة علم الحديث دراية فيما يتعلق بالقبول أو الرد

حتى يكون الاستشهاد بالحديث في موضعه الصحيح، فلا يقدم الحسن على الصحيح، أو الضعيف على الحسن، إلى غير ذلك من المسائل المتعلقة بمراتب الحديث وقوة الاستدلال به من حيث الصحة أو الضعف.

وكذا دراسة مباحث المتواتر والآحاد عند الأصوليين وهي كثيرة، فالجهل بهذا يوقع الإنسان في القول على الله بغير علم، الذي حذرنا الشارع منه.

العلم بالمقاصد الشرعية

من قواعد التعامل مع النص الشرعي: أن يكون على علم بالمقاصد الشرعية التي غايتها تحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل، وقد قسم الإمام الشاطبي المقاصد المتعلقة بنص الشارع قسمين: ما يرجع إلى قصد الشارع، وما يرجع إلى قصد المكلف.

وجعل القسم الأول أربعة أقسام:

الأول: قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء، وذكر في هذا القسم ثلاث عشرة مسألة.

الثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام، وجعل تحته خمس مسائل.

الثالث: قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها، وجعله في اثنتي عشرة مسألة.

الرابع: قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة، وذكر فيه عشرين مسألة.

وأما القسم الثاني: ما يرجع إلى قصد المكلف، فقد جعله في اثنتي عشرة مسألة.

ومن المعلوم أن الإمام الشاطبي – رحمه الله – صاحب الموافقات أكثر العلماء اهتمامًا بقضية المقاصد الشرعية، وجملة ما ذكره من مسائل متعلقة بالمقاصد اثنتين وستين مسألة، تحت كل مسألة معاني وفصول كثيرة يصعب عدها وحصرها.

فالذي يريد أن يتعامل مع النص الشرعي لا بد وأن يكون واقفًا ودارسًا لهذه المسائل وعالمًا بها، حتى لا يقع خطأ منه عند الجهل بها.

وما ذكره الشاطبي – رحمه الله – هو الحد الأدنى للمقاصد الشرعية، وإلا فإن علم المقاصد فيه من المسائل الكثيرة التي ذكرها العلماء زيادة عما كتبه العلامة الشاطبي، فالجهد بالمقصد جهل بالنص.

ومن قواعد التعامل مع النص الشرعي ضرورة فهم النص وفق قواعد اللغة العربية وأساليبها وطرقها الدلالية على المعاني، والوقوف على أسباب نزول الآيات وورود الأحاديث، ومراعاة السياق الذي ورد فيه النص.

والله أسأل أن ينفع به وأن يتقبله فهو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *