تخطى إلى المحتوى

تعريف الهجرة وأنواعها وأسبابها

مشاركة:

تعريف الهجرة وأنواعها وأسبابها للشيخ محمد نبيه يوضح فيها معنى الهجرة ويبين أنواع الهجرة المعنوية والحسية وأسباب الهجرة الداخلية والخارجية.

تعريف الهجرة في الإسلام
تعريف الهجرة في الإسلام

ما هو معنى الهجر؟

الهجر ضد الوصل، والهُجران بضم الهاء ترك بلد إلى بلد، والهجر منه بالبدن والقلب واللسان.

قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا). (سورة النساء:34)

وفي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى). قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ : لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ. وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ). قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ. (صحيح البخاري:5228)

ما هو تعريف الهجرة؟

تعريف الهجرة لغة

يمكن القول: إن الهجرة في اللغة لم تقتصر على معنى واحد، وإنما تشتمل على عدة معان، فالهجرة بمعنى: المفارقة والقطع، وهي عكس الوصل، وتعني مفارقة الشخص لغيره باللسان أو القلب أو البدن.

وقد كان أصل الهجرة عند العرب في خروج البدو من البادية متجهين نحو المدن بحثاً عن الرزق.

تعريف الهجرة اصطلاحا

عرفها غير واحد بأنها ترك دار الكفر والخروج منها إلى دار الإسلام، وأعم منه ما قاله الحافظ ابن حجر: الهجرة في الشرع ترك ما نهى الله عنه.

وذلك لما رواه البخاري في صحيحه من قوله صلى الله عليه وسلم: (والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه). (صحيح البخاري:6484)

وهي تشمل الهجرة الباطنة والهجرة الظاهرة، فأما الهجرة الباطنة: فهي ترك ما تدعو إليه النفس الأمارة بالسوء، وما يزينه الشيطان، وأما الهجرة الظاهرة: فهي الفرار بالدين من الفتن.

والأولى أصل للثانية، لذلك لما كانت الثانية أعظم أمارات الأولى وأكمل نتائجها، خص بعض العلماء التعريف بها كما تقدم، ثم لما كانت هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة أشرف الهجرات وأشهرها، انصرف اللفظ عند الإطلاق إليها.

وأما لفظ الهجرتين: فهو عند الإطلاق يراد به الهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى المدينة، فعندما يقصد بمصطلح الهجرة هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فعندئذ يطلق عليها الهجرة الخاصة.

وهي انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من دار الكفر وهي مكة إلى دار الإسلام وهي المدينة إلى أن تم فتح مكة.

من هم المهاجرون الأوائل إلى الله؟

هجرة إبراهيم عليه السلام: ما أعظمها من كلمات قالها نبي الله أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). (سورة العنكبوت:26)

كلمات من نور بينت في إيجاز واف أن الهجرة الحقيقية إنما تكون إلى الله.

هجرة لوط عليه السلام: نبي الله لوط عليه السلام أول من صدق إبراهيم عليه السلام، حينما رأى النار عليه بردًا وسلامًا، قال ابن إسحاق: آمن لوط بإبراهيم وكان ابن أخته، وآمنت به سارة وكانت بنت عمه.

اختلف المفسرون في من قال: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي) أهو إبراهيم أم لوط عليهما السلام؟

فقال النخعي وقتادة: إنه إبراهيم عليه السلام، وقال الكلبي: إبراهيم أول من هاجر من أرض الكفر، هاجر من أرض حران إلى أرض فلسطين.

وقيل الذي قال: (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي) هو لوط عليه السلام.

هجرة عثمان بن عفان رضي الله عنه وزوجته رقية رضي الله عنها: روى الطبراني بإسناد فيه ضعف عن أنس أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أول من هاجر بأهله بعد لوط عليه السلام.

ذكر البيهقي عن قتادة قال: أول من هاجر إلى الله عز وجل بأهله عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ قال قتادة: سمعت النضر بن أنس يقول: سمعت أبا حمزة يعني أنس بن مالك يقول: خرج عثمان بن عفان ومعه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة، فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم، فقدمت امرأة من قريش فقالت: رأيت ختنك ومعه امرأته، قال صلى الله عليه وسلم: (على أي حال رأيتهما)، قالت: رأيته وقد حمل امرأته على حمار وهو يسوقه، فقال صلى الله عليه وسلم: (صحبهما الله؛ إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط).

المهاجر في القرآن هو: من هاجر إلى الله، قال تعالى: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). (سورة النساء:100)

ما هي أنواع الهجرة؟

يمكن تقسيم الهجرة إلى نوعين اثنين:

  1. هجرة معنوية.
  2. هجرة حسية.

الهجرة المعنوية

وهي الهجرة من الكون إلى المكون، ومن الكفر إلى الإسلام، ومن البدعة إلى السنة، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الفردانية إلى الصحبة والجماعة، وهذا هو مقتضى الهجرة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

لأن الهجرة إلى الله تعالى تكون بالإيمان به وتوحيده وإفراده بالعبادة خوفاً ورجاءً وحباً، وأن يجتنب الشرك صغيره وكبيره، وأن يجتنب المعاصي والكبائر، وأن يكثر من الاستغفار والتوبة، لتجديد الهجرة كلما وقع فيما يضعف مسيرتها، لذلك كان مفتاح النجاة هو التوحيد والاستغفار.

والهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون باتباع سنته وتحكيمها والتحاكم إليها وتقديمها على جميع الأهواء والآراء والأذواق، ونبذ البدع والمحدثات التي ليس عليها أمر الإسلام.

الهجرة الحسية

  • الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة: وهذه أشرف الهجرات وأفضلها على الإطلاق.
  • الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام: وهذه يختلف حكمها باختلاف الظروف والأوضاع.
  • هجرة أهل الذنوب والمعاصي والأهواء والبدع: بمفارقتهم ومقاطعتهم ومباعدتهم زجراً لهم أو حِمية منهم أو لهما معاً، قال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (سورة النساء:140)، وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). (سورة الأنعام:68)
  • الهجرة إلى الشام في آخر الزمان: عند ظهور الفتن، روى أحمد في مسنده بسند ضعيف عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها، تلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير) .

الهجرة غير المنقطعة

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أن الهجرة انقطعت بفتح مكة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَومَ الفَتْحِ: (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ ولَكِنْ جِهَادٌ ونِيَّةٌ، وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا). (صحيح البخاري:2825)

كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تنقطِعُ الهجرةُ حتَّى تنقَطعَ التَّوبةُ، ولا تنقطِعُ التَّوبةُ حتَّى تطلِعَ الشَّمسُ مِن مغربِها). (صحيح أبي داود:2479)

وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الهجرةَ لا تنقطعُ ما دام الجهادُ). (صحيح الجامع:1991)

وللعلماء في الجمع بين هذه الأحاديث المذكورة والتي لم تذكر، والتوفيق بينها مسالك:

منها: أن الهجرة التي انقطعت هي الهجرة من مكة إلى المدينة، وأن الهجرة الباقية هي هجر السوء وتركه في أي موضع كان، وبهذا قال أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار.

واستدل بحديث فديك أنه قال: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر هلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فديك أقم الصلاة، وآت الزكاة، واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث شئت تكن مهاجراً)، وهو حديث ضعيف.

ما هي أسباب الهجرة؟

دوافع الهجرة كثيرة ومنها:

  • سوء الاحوال المعيشية
  • الحروب الاهلية
  • الكوارث واالبراكين والمجاعات
  • الاضطهاد الديني

هناك هجرة داخلية كهجرة من البادية إلى الحضر ومن الريف إلى المدينة، وهجرة خارجية لجوء سياسي كالهجرة  من دولة إلى دولة.

وفي عصرنا الحاضر إذا أذنت الدول بالهجرة إليها فهي مشروعة ما أمن المرء على دينه، أما إذا تسلل ولم يستاذن ولم يأمن على دينه فهي غير مشروعة.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *