تخطى إلى المحتوى

خطبة عن كثرة القتل

مشاركة:

خطبة عن كثرة القتل بعنوان (فتنة الهرج) للشيخ محمد نبيه يوضح فيها أن كثرة الهرج من الفتن العظيمة التي خافها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أنها من علامات الساعة.

خطبة عن كثرة القتل
خطبة عن كثرة القتل

مقدمة خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين اللطيف الذي بلطفه تنكشف الشدائد، والرؤوف الذي برأفته تتوالى النعم والفوائد، سبحانه وتعالى بالتوكل عليه يندفع كيد كل كائد.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل شئ آية تدل على أنه الواحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله صاحب الأصل الماجد الذي خرقت له العادة وحنت إليه الجوامد، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين الأماجد.

أما بعد

فاتقوا الله تعالى حق التقوى، واعلموا أن الطمع هجم على النفوس حتى أهلكها، وأن الذنوب استولت على القلوب حتى سودتها.

واعلموا عباد الله أن من رَحم رُحم، ومن ظلم قُصم، ومن فرط ندم، فارحموا ضعفاءكم يغفر الله لكم، وواسوا فقراءكم يوسع الله في أرزاقكم، وأصلحوا فساد قلوبكم يصلح الله أحوالكم، وخذوا على أيدي سفهاءكم يرفع الله درجاتكم.

وإياكم والبغي والغل والحسد، واعلموا أن الحسود لا يسود، فمن ذا يمنع نعمة الله التي أنعم بها على عباده، أمن يرد عطاء الله الذي يقسمه على مراده.

واعلموا أن كل إناء ينضح بما فيه، ومن حفر لأخيه بئراً سقط لا شك فيه، واعلموا أن من أدركته رحمة الله تعالى فهو المنصور، ومن شملته عناية الله تعالى فهو المجبور.

واعلموا أن كل محسن أو مسيء مجازى بعمله في يوم النشور، قال الله تعالى: ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89) وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90)﴾.

كثرة القتل من علامات الساعة

عباد الله، قدوتنا رسولنا المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، أكرمنا الله تعالى فجعلنا من أهل ملته، وجعلنا من أتباع سنته، ونسأل الله العلي القدير أن يجمع بيننا وبينه في ساحة رحمته، وأن يرزقنا جواره في أعالي جنانه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه صاحب الرسالة الخاتمة، أرسله الله تعالى للخلق كافة، وجعله رحمة للعالمين، أمرنا بالتأسي به لذلك صلوات الله وتسليماته عليه ما عرف خيراً إلا ودلنا عليه ولا شراً إلا وحذرنا منه.

وكان حريصاً علينا كما ذكر الله تعالى في آخر سورة التوبة، وكان يعز عليه ما فيه عنتنا، لذلك خاف علينا التقلب في آخر الزمان.

في مسند الإمام أحمد من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله يقول: (إن بين يدي الساعة سنوات ينقص فيها العلم، ويزيد فيها الجهل ويتقارب فيها الزمان، وتكثر فيها الفتن ويكثر فيها الهرج)، قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: (القتل).

وفي رواية قالوا: يا رسول الله، إنا نقتل ما بين الستين والسبعين ألفاً في السنة، فقال صلوات الله وسلامه عليه: (ليس قتلكم المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضاً، يقتل الرجل جاره، ويقتل أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه).

قالوا: يا رسول الله، وهل لنا عقول يومذاك؟ فقال صلوات الله وسلامه عليه: (تنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلف فيهم هباء يحسبون أنهم على شيء وليسوا بشيء). أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.

نقص العلم من علامات الساعة

إخوتي الكرام، اللقاء حول شخصية النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، ومن شخصيته أنه خاف علينا أن ينقلب بنا الحال، وأن نترك طريقته وسنته، خاف علينا الفتن في آخر الزمان.

لذلك أشار إلى أن الساعة لا تقوم حتى ينقص العلم، ونقصان العلم بادي وظاهر خاصة العلم الشرعي، لم نعد نرى ما كنا نراه من قبل وهو تزاحم الناس على طلب العلم الشرعي، أصبح هناك زهد في الطلب، أصبح هناك زهد في التلقي.

لذلك آثار نقص العلم بادية في الشوارع، في الساحات العامة، انتقاص العلم الشرعي يكون بموت العالم.

وفي السنة النبوية عند البخاري في الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء، إنما يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسألوهم فأفتوهم بغير علم، فضلوا وأضلوا).

موت العلماء ظاهرة لم يرعها أحد، ولم يستفد منها أحد، لذلك وجود العالم في محلته عاصمة، وافتقاده قاصمة، العالم في بلده عاصمة، يعصم الناس بها من الانزلاق، وافتقاد العالم قاصمة يعني مهلكة.

أثر افتقاد العلماء بادي في كثرة البلطجة في دنيا الناس، وفي الحديث: (لا تقوم الساعة حتى لا يعلم القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل).

أسباب كثرة القتل

كثرة القتل في كل بلاد الناس، قتل بلا سبب، كم من دماء زكية أريقت؟ كم من دماء زكية سالت على الطرق؟ كم من أناس افتقدناهم بالهرج؟

لذلك النبي عليه الصلاة وأزكى السلام لما بين أن نقص العلم وقصر الأجل وهو تقارب الزمان وكثرة الفتن والهرج، سأله الصحابة الكرام يا رسول الله وهل لنا عقول يومذاك؟ هل صاحب العقل يقدم على قتل جاره؟ هل عنده مسحة عقل من يقبل على قتل أخيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (تنزع عقول أهل ذلك الزمان).

وما نزع العقول إلا بالجهل، أصبح اليوم الجهل يتحكم في العلم، الجهل اليوم يركب والعلم يمشي خلفه خداماً، هذا هو المتوفر، هذا هو الذوق العام في هذه الأيام.

لا مجال للكلام ولا سماع لقول قائل، وهذا حال الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين، لذلك هذا سببه الجهل، سببه ضياع العلم، سببه فساد الذوق العام، سببه أن البيوت أصبحت لا تنتج، افتقد الولد في بيته من أبيه النصيحة وافتقد من أمه التوجيه، لذلك عاث في الأرض بالفساد، لا يشغله أن يحيى غيره.

دور المسلمين في فتنة الهرج

هذه ظاهرة والنبي عليه الصلاة والسلام خافها علينا، لذلك إخوتي الكرام مطلوب منا الرشد، إذا كان الأب راشداً خاف على ولده، وإذا كانت الأم راشدة خافت على ضناها، وإن كان المجتمع راشداً خاف على بعضه، لكن افتقدنا الرشد وغاب الرشيد.

لذلك إخوتي الكرام ينبغي أن نحارب هذه الظواهر الشاذة معاً، الجميع يتكاتف للقضاء على مثل هذه الظاهرة، ينبغي أن تدار الظواهر الاجتماعية السيئة الفاسدة على المنابر، وتُلاك في المحاضرات، في كل المؤسسات التربوية ينبغي أن نبث هذا.

لكن للأسف الشديد لم يعد أحد يحارب مثل هذه الظواهر، المخدرات طغت، الشباب في ضياع، هذه ظواهر ينبغي أن تحارب حتى يأمن الناس على أنفسهم.

واعلموا إخوتي الكرام، أنه لا سلم إلا بالإسلام ولا أمن إلا بالإيمان ولا خلاص إلا بالإخلاص، واعلموا أن كل الناس أشقياء إلا الأتقياء، وأن كل الناس أغبياء إلا أتباع الأنبياء، لذلك إياك أن تكون على طريقة غير طريقة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله تبارك وتعالى أمر بحفظ الدماء، وحض الناس على تحقيق الحياة، لذلك قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.

الله أسأل التوفيق والرشاد، وأساله تعالى أن يعصم دمائنا، اللهم احقن دمائنا واجمع شتاتنا ووحد صفوفنا وأصلح ذات بيننا وانزع الغل والحسد من صدورنا.

أمنا اللهم في أوطاننا، اجعل بلادنا بلاد أمن وسائر بلاد المسلمين، اللهم فرج كربنا وأزح همنا، وتولى أمرنا، وأحسن خلاصنا، وفك أسرنا، واقض عنا ديوننا، واشفي يارب مرضانا وارحم أمواتنا.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *