تخطى إلى المحتوى

خطبة عن الابتسامة وفضلها

مشاركة:

خطبة عن الابتسامة وفضلها بعنوان (علو الهامة في فقه صدقة الابتسامة) للشيخ محمد نبيه بمسجد الإيمان بالسواقي يشرح فيها معنى الابتسامة ويبين أنواع الابتسامة.

خطبة عن الابتسامة وفضلها
خطبة عن الابتسامة وفضلها
علو الهامة في فقه صدقة الابتسامة

معنى الابتسامة

 روى الترمذي بإسناد صحيح عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ أَخِيكَ).

وفي الحديث أن الصدقة لا يلزم أن تكون مالا، وفيه جمال الابتسامة وطلاقة الوجه وأثرها على الآخرين المرهقين.

تعبر الابتسامة عن معان شتى منها:

  • الفرح والسرور
  • الانشراح
  • الاستقرار الداخلي
  • الثقة بالنفس
  • الشخصية السوية والمتوازنة
  • المحبة والود
  • القبول والموافقة
  • التواضع
  • الخجل
  • الحرج
  • الحياء
  • اليأس
  • الفشل بعد المثابرة

قصص عن الابتسامة

تبسم سليمان عليه السلام

ذكر لنا القرآن الكريم قصة سليمان عليه السلام مع النملة وكيف أنه تبسّم لقولها.

قال تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)). (سورة النمل)

ومختصر القصة كان سليمان عليه السلام وجنوده يتفقدون الرعية، يمرون على وادٍ به نمل كثير فكانت القصة كما رواها القرآن الكريم، ومن الآية نستنتج ما يلي:

  • تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الكبير للضعيف الذي يخافه وهو لا ينوي أذاه.
  • تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الحاكم العادل للفقير الضعيف الذي يرجوا النجاة والخلاص دون أن يلحقه الأذى من الحاكم، وهو يرى تصرفات الضعيف الدالة على ذلك.
  • الابتسامة دلالة على أن سليمان عليه السلام لم يقصر في حق رعيته، وأنه مرتاح الضمير ومستقر نفسياً وأنه ايجابي التعامل مع الأحداث.
  • تبسمه لكلام النملة قد يكون من إعجابه بهذا المخلوق الصغير والضعيف، كيف أنه يدافع عن مملكته منادياً فيهم الدخول في مساكنهم.
  • وتبسمه لكلام النملة أعطى للنملة القوة في الكلام، وهو ما نلاحظه من الآية.
  • وتبسمه لكلام النملة أدى إلى إنقاذ مملكة النمل من الدمار.
  • تبسمه دلالة على أن مطالب الضعفاء والمظلومين مجابة، وأن مطالبهم في أكثر الأحيان مقبولة.
  • تبسمه دلالة على أن للمظلوم حق أن يدافع عن نفسه أمام أي شخص كان وأن حقه راد إليه لا لظلم القوي على الفقير الضعيف، أي أن العدالة سارية آخذة مجراها.
  • على الحاكم أن يبتسم في وجه الرعية كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، فقيرها وغنيها، حاضرها وغائبها، لا أن يبتسم للحاشية ويكشّر ويتهجّم أمام الرعية التي لا حول لها.  
  • الابتسامة دلالة على أن الرعية في مأمن (الإنسان والحيوان) كل مصان حقه.
  • دلالة على الشخصية السوية والمتزنة والشفافة والتي تتأثر بأي كلام صادر حتى ولو من ضعيف مهمش.
  • كلام النملة ذكّره بأن هناك في مملكته من لا يحسّ بهم إلا أن يلتقي بهم بموعد أو بغير موعد، فكان درسا عظيما للحاكم العادل.
  • تبسمه شرح صدره بأن يدعوا الله تعالى ويشكر نعمه الجزيلة.
  • دلالة على أن المملكة في مأمن، لا خيانات ولا انقلابات.
  • دلالة على توفر العدالة الاجتماعية للجميع حتى الحيوان الصغير الذي له الحق بعيش رغيد في ظل حكم عادل.
  • وجود فسحة في حياة الحاكم وحياة الداعية فيه من اللهو المباح يتضمن الكلام الذي في نوع من الدعابة واللطائف، لتفريغ ضغوطات المسؤولية والحياة.
  • دلالة على وجوب اتخاذ الحاكم ندماء وظرّاف للترويح عنه بإلقاء النكت والطرائف البعيدة عن المجون، لتجديد حياة الحاكم اليومية، وإخراجه من دائرة الملل والروتين.  

تبسم النبي محمد

الابتسامة لها رونق وجمال، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور، بل رتب النبي صلى الله عليه وسلم الأجر عليها فقال صلى الله عليه وسلم: (تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ).

وروى أبو يعلى والبزار بإسناد حسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنكم لا تَسَعُونَ الناسَ بأموالِكم، فَلْيَسَعْهُم منكم بَسْطُ الوَجهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ).

والإمام البخاري جمع أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم وبوب لها باب: (باب التبسم والضحك) دليل على الابتسامة التي كان يحرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.

والإمام مسلم كذلك في صحيحه أحاديث بوب لها الإمام النووي فقال في كتاب الفضائل: (باب تبسمه وحسن عشرته).

وبوب الشيخ الغماري الأحاديث التي فيها (ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه) في مؤلف سماه (شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة)، كل هذا وغيره بيان لجوانب تبسمه صلى الله عليه وسلم.

وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم فقد قيل لعمر رضي الله عنه: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم والإيمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي.

روى ابن ماجه بإسناد صحيح (ولا تكثرِ الضحكَ، فإنَّ كثرةَ الضحكِ تميتُ القلبَ) فلم ينه عن الضحك إنما نهى عن كثرته.

ويقول الإمام ابن عينه: “البشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين”.

فاحرص أخي الكريم على الابتسامة الصادقة الصافية التي تعكس ما في القلب من محبة وتآلف ولتحذر من الابتسامة المصطنعة التي تخفى وراءها الأحقاد.

واعلم أيضاً أن الابتسامة تساعد على إنتاج كريات الدم البيضاء فتكسب قوة المناعة وتذهب الرهق وتقلل ضربات القلب وتضبط ضغط الدم.

قال أبو حاتم بن حبان – رحمه الله -: “البشاشة إدام العلماء، وسجية الحكماء؛ لأن البشاشة تطفئ نار المعاندة وتحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي ومنجاة من الساعي، ومن بشَّ للناس وجها لم يكن عندهم بأقل من الباذل لهم ما يملك”.

أنواع الابتسامة

  • ابتسامة الغضب: يقول كعب بن مالك رضىّ الله عنه في قصة تخلّفه، وما كان من شأنه في غزوة تبوك: “فجئته – أي النبي صلى الله عليه وسلم – فلما سلّمت عليه تبّسم تبسُّم المُغضب”، وهنا نرى أن ابتسام النبي ابتسام المغضب أي الغضبان لأن كعب بن مالك تخلف عن غزوة تبوك.
  • ابتسامة التعجب: كما في قصة النملة مع نبي الله سليمان عليه السلام إذ يقول الله: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا) (سورة النمل:19)، أما هذه الابتسامة فكانت تعجب من فطنة النملة وخوفها على أخواتها من النمل، وفيها أيضا شكر لله أن علم سيدنا سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لغة الطير والوحوش والنمل أيضا.
  • ابتسامة شماتة واستهزاء من الذين امنوا بالله: نجدها في الكافرين عندما يأتي انبياء الله بآياته كما نراها في قصة سيدنا موسى عليه السلام وفيها يكون الابتسامة بصوت عالي وهي الضحك كما حكى الله عن قوم موسى عليه الصلاة والسلام في معرض استهزائهم بآيات الله: (فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ). (سورة الزخرف:47)
  • ابتسامة مقابلة الناس وملاطفتهم: يقول جرير بن عبد الله رضي الله عنه: ما حَجَبَنِي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ أسْلَمْتُ، ولَا رَآنِي إلَّا تَبَسَّمَ في وجْهِي. (صحيح البخاري:3035)
  • ابتسامة البشرى والتفاؤل: عن أم حرام بنت ملحان رضىّ الله عنها قالت: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً منى ثم استيقظ يتبسم فقلت: ما أضحكك، قال: (نَاسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هذا البَحْرَ الأخْضَرَ كَالْمُلُوكِ علَى الأسِرَّةِ)، قالت: فادعوا الله أن يجعلني منهم، فدعا لها … الحديث). (صحيح البخاري:2799)
  • ابتسامة النفاق والرياء: يسميها العوام ضحكة صفراء – أعاذنا الله منها وإياكم -: وكثيرا ما نراها اليوم منتشرة بين الناس للأسف ولا تكون خارجة من القلب ولكن هي لرياء ولقضاء المصالح وهي منهي عنها في القرآن والسنة لأن الواجب التعامل بين الناس بنبع من القلب والأخوة بين المسلمين وليس رياء.

نبتسم محبة لرسول الله صلى الله وتأسياً به فقد كان صلى الله عليه وسلم دائم البشر طلق المحيا، البشاشة تعلو وجهه والابتسامة لا تكاد تفارقه فعن عبد الله بن الحارث بن جزء قال: (ما رأيتُ أحدًا أكثرُ تبسُّمًا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).

فنسال الله أن تكون ابتسامتنا في وجه الناس خالصة لوجه الله تعالى.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *