تخطى إلى المحتوى

خطبة عن حسن الخلق في الإسلام

مشاركة:

خطبة عن حسن الخلق في الإسلام للشيخ محمد نبيه يبين فيها فضل تقوى الله وحسن الخلق وأثرهما على الفرد والمجتمع.

خطبة عن حسن الخلق في الإسلام
خطبة عن حسن الخلق في الإسلام

مقدمة عن حسن الخلق

اعلموا إخوتي الكرام أن الإعلام غير طباعنا وشوه قيمنا حتى شاهت الأحوال وسئمنا الحياة، ومن ثم نحن في حاجة إلى أن نستعيد قيمنا.

ولن نستعيد قيمنا إلا إذا أخذنا ما في القرآن الكريم وكذبنا ما يقوله الإعلام، فالإعلام فرق بين الجار والجار، وصنع حرباً بين المسلمين بعضهم وبعض.

والقرآن الكريم بين أننا أمة، وبين أن قوتنا في وحدتنا واعتصامنا، لذلك استعادة القيم تكون بالأخذ بالقرآن وتكذيب ما جاء في الإعلام.

فضل حسن الخلق

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أكثرِ ما يُدْخِلُ الناسَ الجنةَ فقال: (تَقْوَى اللهِ وحُسْنُ الخُلُقِ)، وسُئِلَ عن أكثرِ ما يُدْخِلُ الناسَ النارَ، فقال: (الفَمُ والفَرْجُ). (سنن الترمذي 2004)

فهذا الحديث الشريف فيه استعادة القيم، واستعادة القيم تكون من طريقين وهما: تقوى الله تعالى وحسن الخلق، والطريقان أُس في هذا الدين الحنيف.

فالإنسان المثالي هو صاحب القيم، وقيمة الإنسان ما يحُسنه، وقدر الإنسان ما يدين به.

كنت أقرأ هذا الحديث كثيراً وأدقق النظر في كلماته عساي أن أخرج منه بمعلوم جديد، فوجدت بعض العلماء في شرح الحديث قال: لماذا خص النبي صلى الله عليه وسلم طريق الجنة بتقوى الله وحسن الخلق ولم يذكر لهما ثالثاً؟

قال بعض العلماء: لأن تقوى الله تعالى إصلاح ما بين العبد وبين الله، ولأن حسن الخلق إصلاح لما بين العبد وبين الناس.

وهذه هي المثالية التي لا مثيل لها، أن تصلح ما بينك وبين الله، وأن تصلح ما بينك وبين خلق الله، بهذا تحسن الحياة.

تقوى الله

أقصر تعريف للتقوى: هو أن يراك الله حيث أمرك وأن يفتقدك حيث نهاك، وقد بين الله في كتابه أثر التقوى فقال تعالى:

  • ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾.
  • ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾.
  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا﴾.
  • ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾.

فالرزق حيث لا تخطيط منك ولا تدبير يأتي بالتقوى، وتيسير الأمور بالتقوى، وتكفير السيئات وإعظام الأجور بالتقوى، والنور الذي من خلاله تعرف الضار من النافع وتعرف الحق من الباطل بالتقوى، وسكنى الجنان بالتقوى.

هذا ما بينك وبين الله، فإصلاح ما بينك وبين الله هذا هو أول شيء يوصل للجنة.

حسن الخلق مع الناس

الطريق الثاني إلى الجنة هو إصلاح ما بينك وبين الناس، وهذا يكون بحسن الخلق.

وهذا يدل على عظيم مكانة الأخلاق في هذا الدين، فالخُلق الحسن روح في بدن لا يتحرك البدن إلا به، ولا يوصف البدن بكونه حياً إلا بحُسن الخلق.

لذلك إن أردت أن تقف على حسنك من سوءك فسل جيرانك، إن قالوا: أنت محسن فأنت محسن، وإن قالوا: أنت مسيء فأنت مسيء.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يركز على مثل هذا حتى في الزواج فقال: (إذا أتاكُم من تَرضونَ خُلقهُ ودينهُ فزوّجوهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ). (السلسلة الصحيحة 1022)

فلان يصلي لكنه سيء الجوار، وفلان يزكي لكنه منان، وفلان يصوم لكن لا يسلم الناس من أذاه، وأحوال شتى، رباط هذا كله الخلق الحسن.

اشتهر بيننا من كلام يقولون الدين المعاملة وهو كلام صحيح يوافق ما في السنة النبوية الشريفة.

لذلك عليك بتقوى الله وهي إصلاح ما بينك وبين الله، وحسن الخلق وهي إصلاح ما بينك وبين الناس، هذه هي القيم التي ينبغي أن نستعيدها بعد افتقاد، عندها سننطلق والله تعالى وحده هو الذي يدبر.

عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمنُ مألفَةٌ، ولا خيرَ فيمن لا يَألفُ ولا يُؤلَفُ). (السلسلة الصحيحة 425)

مفاد الحديث: حتى يألفك الناس عِش بين الناس بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.

إن عشت بين الناس بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ألفك كل الخلق، ما تبرم منك أحد، إذا عشت بين الناس بالأخلاق الحسنة أقبل عليك كل الناس، من يوافقك ومن يخالفك.

واعلموا إخوتي الكرام أن القيم كلها في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا سابقاً في شرح الشمائل المحمدية وغيرها من شروحات في صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وأخلاقه.

لذلك استعادة القيم تكون بتقوى الله وحسن الخلق.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *