تخطى إلى المحتوى

أبناؤنا والقرآن

مشاركة:

لقاء بعنوان أبناؤنا والقرآن للشيخ محمد نبيه يوضح فيه كيف نجلي أبنائنا بحسن أدبهم وتربيتهم، ويبين أن ذكري وذكرك لا يدوم إلا بصلاح الصغار.

أبناؤنا والقرآن
أبناؤنا والقرآن

أبناؤنا والقرآن

اتقوا الله إخوتي الكرام، واعلموا أن الله قال في كتابه: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا). (سورة الكهف:46)

أخي الكريم المال زينة، لذلك تجدني إذا ما جالست الناس في مجالسهم أظهرت مالي حتى يعلم الناس أني ذو مال، والولد زينة، فمن منا يظهر أولاده؟

الولد زينة كما ذكر الله في كتابه، ترى لو أن المرأة أكرمكم الله بيدها سوار ذهبي، وجالست مثيلاتها من النساء، هل تراها تجعل الثياب فوق زينتها؟ أم تجلي زينتها للنساء؟

أجيبوني، تجلي زينتها.

ولو أن الرجل يلبس ساعة تجده إذا ما مشى تعمد أن يكفت ثوبه من أعلى حتى يري الناس لمعان ساعته ومن ثم يمشي في زهو لأنه يلبس شيئا لا يلبسه مثله.

من منا يجلي ولده ويظهره أمام الناس؟

تجلية الولد في حسن تربيته، لو أنني ربيته التربية الصالحة تجده إن مشى بين الناس أظهر هو أثر والديه عليه، ومن ثم ترى أبويه يحصدان الرفعة وعلو المنزلة، بدعاء من يباشر الولد معهم أحوالهم.

فلان ابن من؟ الله يبارك في اللي ربوه، يسلم البطن اللي شال، ربنا يبارك في اللي علمه.

ومن ثم الولد لا يكون زينة ظاهرة جلية إلا بحسن أدبه وربايته، فالولد مطلب في الشريعة مطلب يطلبه كل الناس، ولذلك قال الله تعالى في آخر الأنبياء وفي آخر الفرقان، في آخر الانبياء (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ). (سورة الأنبياء:89)

وفي آخر الفرقان (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ). (سورة الفرقان:74)

فالولد مطلب مطلب غالي ونفيس.

وقد كان الولد يطلب في الجاهلية قبل الإسلام، وكانوا يطلبونه لما فيه من دفع ونفع، في الجاهلية كي يطلب الولد، لماذا؟

لان في الولد دفعاً ونفعاً، الدفع فيه: يحمل السيف يدفع عن العائلة والقبيلة، ويزود عن الشرف، والنفع فيه، يخدم أهله، يخدم أهله.

لذلك الله تعالى لما بين في القرآن أن من ازواجكم بنين وحفدة، بنين، الحفيد يعني الخادم ابن ابني، لما يبقى لإبني ولد يأخذ بيدي إلى المسجد، فهو فيه نفع، فالولد فيه الدفع والنفع.

ومن ثم في الجاهلية وفروا للولد ما من خلاله يكون ظهوره، ملأوا عليه الفراغ.

كيف ملأ الجاهليون فراغ أولادهم؟

كان في دار الندوة في مكة، دار الندوة عبارة عن نادي ثقافي، يتناشدوا فيه الأشعار، يظهر كل منهم فتوته على غيره فيه، هذا يظهر ما عنده وهذا يظهر ما عنده.

ثم رحاب مكة الواسعة، نادي للصيد، ملأوا على الصغير فراغه، ومن ثم خرجوا أبطالا، خرجوا أبطالا.

ولما جاء الإسلام كذلك اهتم بالولد، ولذلك ترى عندنا يقولون أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة، أول مولود للأنصار بعد الهجرة، نظراً لأن الولد له قيمة.

ومن ثم ما كنت ترى مشكلة تأتي من وراء ولد، حتى ما سئل النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، في ولد سؤالا إلا وسؤال عمرو بن العاص في عبدالله بن عمرو.

ذهب عمرو بن العاص يشكو ولده عبدالله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، اتصور لما بيسأله يشكوا له الولد، مقلش ابنه بيضربه، ولا قال له ابني بيشتمني، ولا قال له ابني بيرفع صوته عليا، ولا قال له ابني بلطجي ولا قال له ابني حرامي ولا قال له ابني ما بيشتغلش، لا.

قال يا رسول الله إن عبد الله يأخذ من ليله كثيرا وله زوجة يصلي وبيصوم كثير وله زوجته يا رسول الله خليه يخفف شوية، يخفف ايه؟

يخفف الطاعة.

من منا الآن لا يشكو من ولده؟

أنا أول الناس، بأشكي من الولد، بأشكي من الولد إنه محبوس طول الليل وطول النهار في البيت على النت، وما بيكلمش حد لما بنكلمه بيكش فيا، والتاني بيقول لك ابني طول النهار برة البيت ما لوش فيه والتالت ابني والرابع ابني الشكوى كثيرة من الأولاد لماذا؟

لأننا أغفلنا فراغهم، لم نملأ عليهم فراغهم.

تتصور، التحفة اللي قرأها الأولاد الآن أسهل من الأغنية، البنت اليوم حافظة ألف أغنية، والولد الصغير التاني اللي مبيروحش الكتاب حافظ افرض مثلا يعني إني قابلتك يوم حافظها بالنص، بتضحك ليه؟ الكلام ده مش صح؟

صحيح، حافظ بالنص، وتتصور الكلام ده، أصعب في الحفظ من القصيدة اللي حفظها الأولاد، وأصعب في الحفظ من القرآن، لكننا لم نملأ على أولادنا فراغهم.

لذلك كثرت الشكاية، ملء الفراغ، طب ما اليوم كل بلد فيها نادي رياضي، طبعا بتوع الشباب والرياضة هيبحروا لي، وكل بلد فيها خمسين صالة سايبر لكن ليس في كل بلد كتاب يحفظ الكريم.

كان زمان بيقول سيدنا شوف سيدنا رايح فين؟

رايح الكتاب لسيدنا، لأن حافظ القرآن هو سيد الناس، أرادوا أم أبوا، هو سيد الناس، تعرف لماذا؟

لأنه يحفظ سيد الكلام، القرآن سيد الكلام كلام الله، كلام الملك، فمن يحفظ سيد الكلام هو سيد الناس، سيدنا، كلمة سيدنا انتفت من الوجود، انتفت.

لذلك أصبحنا نرى الصغير يتجاسر على الكبير، ويرفع صوته ما يعبرش حد، ولما حد يكلمه يقول له اعمله كدا، لماذا؟

لأننا نحن الذين فرطنا في الصغار.

ذكري وذكرك بصلاح الصغير

يا أخي والله العظيم ذكري وذكرك لا يدوم إلا بصلاح الصغير، إلا بصلاح الصغير، ولذلك فيما ينتفع به الإنسان بعد موته: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له). (صحيح مسلم:1631)

أصلاح بعد حفظ القرآن والسنة؟

في بعد كده صلاح؟

هل هناك صلاح بعد علم القرآن والسنة؟

لذلك الشاعر يقول:

إني رأيت صلاح المرء يصلح أهله ويعديهم عند الفساد إذا فسد
يعظم في الدنيا بفضل صلاحه ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد

يا أخي صلاح الجد بيحفظ به الحفيد، ألم تقرأ في الكهف وكان أبوهما صالحا؟

وصلاح الصغير يرفع درجات والديه يوم القيامة، لو سبقاه إلى الله كل يوم يأتيه الملك خذ، من مين؟ ابنك ابنك ابنك ابنك ومن ثم يملأ الحصالة، يبقى الولد الصالح حنفية ما لهاش قلب، حنفية ما لهاش قلب بتخر ليل ونهار، تخر رحمات على والديه.

تتصور كده الإنسان اللي يعرف الشرف وميسعاش نحوه يستحق يبقى شريف؟

أبداً، الشرف في القرآن، الشرف في اتباع النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، والله قال في كتابه سورة الزخرف: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ). (سورة الزخرف:43)

ما الذي أوحي به إلى النبي عليه الصلاة والسلام؟

القرآن والسنة ما كلاهما واحد، (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)). (سورة الزخرف)

قال ابن عباس كما ذكر ابن أبي حاتم في التفسير: وإنه لذكر لك يعني لشرف لك، ولقومك وشرف لقومك، فشرفنا في كتاب ربنا وسنة نبينا، صلى الله عليه وآله وسلم.

الشرف ده لو حافظنا عليه لنا ضمان من الله، ضمان بعدم الضلال والشقاء، ضمان إلهي، لا نضل ولا نشقى، والأزمة اليوم أزمة أخلاق، لو أننا تخلقنا بالقرآن السنة، ينتفي الضلال من دنيا الناس وينتفي الشقاء، لأن الله قال في كتابه: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ). (سورة طه:123)

لا ضلال ولا شقاء، فإذا ما كنا نعلم أن الشرف في كتاب ربنا، ونتغافل عن كتاب ربنا، أنا عارف الشرف في القرآن ومع كده في الصيف ببعت ابني ياخد دورة صيانة، وببعت ابني ياخد دورة برمجيات، لكن في دورة مكثفة في القرآن أقول يعني احنا هناخد ايه من القرآن؟

انت عارف ليه؟

لأن الصورة القديمة زمان كان لاعب الكورة بيسلم على الرئيس، واللي حافظ القرآن بيروح المعتقلات، كان الكلام ده بيحصل ولا ما بيحصلش؟

حافظ القرآن كان مآله المعتقل، واللي بيلعب كورة طول النهار الرئيس يقبل رأسه، فطبعا هم كان فاتحينها على الآخر للأمور الخايبة وقافلينها على الآخر على أمور الدين.

لذلك الناس تأزموا قالت قرآن يا عم بيعمل ايه؟

وحيبقى شيخ، ما هو المشايخ الخمسة بشلن، ما هو ده الحال اللي احنا ورثناه اللي احنا عشناه، زهدوا الناس في القرآن.

اديك مثال واحد: في التعاقد داخل البلد وخارج البلد، لما يبقى في تعاقد خارجي يروح بتاع الموسيقى يتعاقد على عشرين ألف ريال، ومحفظ القرآن يتعاقد على الف وثلاثمائة ريال الكلام ده صحيح أم خطأ؟

ده كدا.

طيب لاعب الكرة عقده كام؟

عقده باليورو وبالدولار بالملايين، طيب وعقد مدرس التربية الإسلامية؟

يروح يدرس في دارهم، يقعد يلف حول سفاراته في الآخر يقول لك يا عمي الدين جابهلنا كده بلاش دين.

لذلك هم زهدونا في ديننا، كرهونا في القرآن.

يا أخي حتى في الأزهر الشريف، في الأزهر الشريف أصبح مية وواحد في المية للكلية اللي القرآن فيها مش مادة أصلية، واللي جايب سبعة وأربعين في المية يروح أصول الدين، شوف لغاية فين الترتيب!

اللي نجح بالملاحق يدخل أصول الدين، ازاي يا جماعة الكلام ده؟

المتفوق ما يروحش القرآن ليه؟

المتفوق مش يبقى داعية ليه؟

لما يبقى داعية ناهض الناس تمشي وراه ويدين لله، لا برضو نفس النظام هي هي حركة، شغالة في الجميع.

لذلك نملأ على أولادنا فراغهم الحمد لله هذه بذرة طيبة، بذرة طيبة جدا، يعني هو هياخد جايزة ايه؟

هياخد له كتاب، والله هو عنده أغلى حاجة في حياته، ممكن هو ما يقواش عقله على القراءة فيه، بس اسمه خد جايزة، معايا ازاي قيمتها عنده هو، قيمتها عنده هو عالية جدا.

لذلك علينا أن نملأ على أبنائنا فراغهم، لما أملى عليه الفراغ يقوم أنتفع به لما يكبر، لكن إن فرطت في فراغه وتركت فراغه بلا شغل، لما يكبر يعذبني، لما يكبر يفضى لي، يبقى أنا اللي فرطت فيه يطلع علي كله في الآخر.

لذلك خلاصة القول، أهل القرآن كما قال النبي عليه الصلاة وأزكى السلام، هم أهل الله، شوف التعبير ايه هم أهل الله وخاصته، انت عارف مين هم خاصة ربنا؟

أولياؤه، أولياؤه، خاصة الخاصة الرسل والأنبياء، ثم الخاصة الأولياء، يعني الحافظ ده ولي الله، ولي الله لأنه بحفظه كلام الله أصبح أقرب الناس إلى الله.

ويا حبذا لما نفعل فيه أخلاق القرآن، ما هو كثير من الأولاد بيحفظ وبعد ما يبلغ سن الاحتلام بيبلش يترك المصحف ويشوف أصحابه.

لذلك احذر احذر من الولد إذا كبر، إن اخذته في الصغر وعودته فعل الفضيلة إذا ما شب يشب على هذا، كما يقول الشاعر:

وينشأ ناشئو الفتيان منا على ما كان عوده ابوه
مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *