تخطى إلى المحتوى

تفسير سورة الملك

مشاركة:

تفسير سورة الملك للشيخ محمد نبيه يشرح فيها تعريف سورة الملك ويوضح فضل قراءة سورة الملك ويبين معاني الآيات والكلمات.

تفسير سورة الملك
تفسير سورة الملك

فضل قراءة سورة الملك

سورة الملك هي سورة مكية، وعدد آياتها ثلاثون آية، ومن أسمائها المنجية لأنها تنجي من عذاب القبر.

ورد في السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ سورةً في القرآنِ ثلاثونَ آيةً شفَعت لصاحبِها حتَّى غُفِرَ لَه تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ). (صحيح ابن ماجه:3068)

وقد جاء في الخبر عن عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن من قرأها في ليلته أنجته من عذاب القبر.

فهذه السورة من يحفظها تشفع له في قبره، لذلك نصيحتي لكل من يسمع كلامنا أن يقرأها كل ليلة إن كان قارئاً، أو يسمعها إن لم يكن قارئاً، إن سمعها كل ليلة حفظها وإن قرأها كل ليلة كذلك حفظها، فحفظ سورة الملك سبيل إلى النجاة من عذاب القبر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه السورة المباركة اشتملت على بيان قدرة الله تبارك وتعالى في الخلق وعلى عظيم ملكه، ثم اشتملت على بيان حسن عاقبة من أطاع وسوء عاقبة من عصى.

ثم ذُكر فيها السبب والأخذ بالسبب، ثم فيها تهديد شديد من الله تبارك وتعالى لمن عصى وكفر وجحد.

تفسير سورة الملك

(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1))

لا يثبت الملك إلا إذا ثبتت القدرة عليه، ولله المثل الأعلى، يقولون: فلان مالك هذه الدار، إذا ملك التصرف فيها، أما إذا عدم التصرف فيها لا يقال له مالك.

والله تبارك وتعالى ملك السماوات والأرض وما بينهما وهو على كل شيء فيهما قادر، فالله تعالى من قدرته لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

وما دام الله تعالى لا معجز له فينبغي للعبد أن يسأل الله تعالى وليعزم في مسألته لله فإن الله لا مكره له والله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2))

بين الله تبارك وتعالى أن الذي ملك السماوات والأرض وما بينهما من قدرته أنه خلق الموت والحياة، والموت في القيامة يصور، وجاء ذكره في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يُؤتَى يومَ القيامةِ بالموتِ في صورةِ كبشٍ أملحَ، فيوقفُ على الصُّورِ بين الجنَّةِ والنارِ، ثم يقال يا أهلَ الجنَّةِ، فيشرئِبُّون ينظرونَ، ثم يقال: يا أهلَ النَّارِ، فيشرَئِبُّونَ ينظرون، فيقال لهم: أتعرفونَ هذا؟ فيقولون: نعم هذا هو الموتُ، فيذبحُ ثم ينادي مُنادٍ: يا أهلَ الجنَّةِ خلودٌ فلا موتَ، ويا أهلَ النَّارِ خلودٌ فلا موتَ. فلولا أنَّ اللهَ قضى لأهلِ الجنَّة ِالحياةَ والبقاءَ لماتوا فرحًا، ولولا أنَّ اللهَ قضى لأهلِ النَّارِ الحياةَ فيها والبقاءَ لماتوا تَرَحًا). (العواصم من القواصم:235)

نسأل الله تعالى الجنة ونعوذ بالله من النار، قُدِمَ الموت على الحياة لأن في الأصل كانت الحياة عدماً لم تكن حياة، فخلق الله الحياة من العدم، آدم عليه السلام لم يكن شيئاً مذكوراً، خلقه الله تعالى من تراب وماء ثم نفخ فيه من روحه فدبت فيه الحياة.

فالموت والحياة لاختبار المخلوق، هل سيصبر أم سيجزع؟ هل سيؤمن أم سيكفر؟ هل سيرضى أم سيسخط؟

وفي هذا دليل على أن بعد الحياة موتاً وبعد الموت حياة، وبيان حسن العمل من سوء العمل يكون بعد البعث من القبور، يُكافئ المحسن على إحسانه ويُعاقب المسيء على إساءته.

(الْعَزِيزُ): الذي لا يُغلب.

(الْغَفُورُ): يغفر لمن يشاء من عباده، والله تبارك وتعالى بين في كتابه أنه يغفر الذنوب جميعاً، وبين سبحانه وتعالى أن كل ذنب دون الشرك مغفور، (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ) (سورة النساء:48)، يغفر ما دون الشرك لمن يشاء.

فما على الإنسان إذا أخطاً إلا أن يرجع من قريب، وأن يتوب لله رب العالمين، والله تعالى من فضله يقبل التوبة من عبده ما لم يغرغر، ويقبل التوبة من عباده ما لم تطلع الشمس من مغربها.

الإنسان يخطئ ويخطئ وسيظل يخطئ، لكن إن عاد وأناب وتاب يغفر الله له ما كان، وشرط المغفرة للذنب أن يكون قبل الغرغرة، والغرغرة هي وصول الروح إلى الحلقوم.

لذلك فرعون لما غرق ودخل الماء إلى جوفه، قال (آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (سورة يونس:90)، رد الله تعالى عليه وقال: (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (سورة يونس:91)، رد الله عليه التوبة ولم يقبلها لأن الروح قد وصلت إلى الحلقوم.

ففي هذا دعوة إلى التوبة مع الإشعار بالطمع في عفو الله ورحمته، فالله من أسمائه الغفور.

فالغني مبتلى في غناه والفقير مبتلى في فقره، والصحيح مبتلى في صحته والسقيم مبتلى في سقمه، والكبير مبتلى في كبره والصغير مبتلى في صغره، الحياة كلها اختبارات وامتحانات.

(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ (3))

من طلاقة قدرة الله تعالى الذي خلق الموت والحياة أنه خلق سبع سماوات طباقاً، طبقة فوق طبقة، ما بين الأرض إلى السماء الدنيا مسيرة خمسمائة سنة، ثم سُمك السماء الأولى خمسمائة سنة، ثم ما بين السماء الأولى والسماء الثانية خمسمائة سنة، وهكذا ما بين كل سماء، وسُمك كل سماء، وهذا دليل على سعة ملك الله تبارك وتعالى وعلى عظيم قدرته.

(تَفَاوُتٍ): هذه قراءة الجمهور، وتقرئ من (تفوت)، والتفوت والتفاوت الخلل.

(مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ): يعني ما ترى في خلق الله من خلل، فخلق الله تام، خلق وأتم الخلق، صنع وأحسن الصنعة.

(فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ): فانظر في السماء وأمعن النظر، هل ترى فيها شقوقاً؟ هل ترى فيها خللاً؟ حاشا لله.

(ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4))

ثم دعاك الله تعالى أن تكرر البصر مرة بعد المرة، يرجع البصر خائباً تعيساً ذليلاً فالسماء على حالها لا انفطار فيها، لكن إذا أذن الله في قيام الساعة انفطرت السماء يعني تشققت وأنزلت مثل الدم.

لذا الله تعالى أنزل سورة الانفطار فقال تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5)).

انفطار السماء تشققها، ثم حلية السماء وزينتها تتبعثر، فإذا تبعثرت نزلت على الأرض، تنقلب الأرض يخرج باطنها أعلاها وينزل أعلاها أسفلها، ثم تفجر البحار وتطير الجبال.

(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5))

الكواكب والنجوم في سماء الدنيا زينة، مصابيح تضئ للناس، منها الشمس والقمر، وهذه النجوم والكواكب لها وظائف:

  1. أنها زينة للسماء الدنيا.
  2. أنها رجوم للشياطين، أي شيطان يريد أن يسترق السمع يُرجم بهذه الشهب والنيازك والكواكب.

لذلك في سورة الجن بين الله رب العالمين أن الشياطين كانت تقف على أبواب السماء تسترق السمع، وما منعت إلا ببعثة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا). (سورة الجن:9)

ومن ثم حُرست السماء بهذه النجوم، هي زينة للسماء، وهي حفظ للسماء من الشياطين.

كذلك من خصائص هذه النجوم والكواكب يعلم بها الوقت ويستدل بها على الطرق إلى عهد قريب، لذلك الله تعالى قال: (وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ). (تفسير سورة النحل:16)

(وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ): عذاب السعير في الآية للشياطين، وأعتدنا لهم الضمير يعود على الشياطين.

(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6))

في هذه الآية والآيات التالية بيان سوء عاقبة من كفر بالله رب العالمين، فالكفار ليس لهم في القيامة إلا النار وبئس المصير.

(إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7))

شرح الله بعض حالات جهنم: من أحوال جهنم أن الكافر إذا ألقي فيها صوتت النار، تحدث صوتاً، لذلك في التفسير أن جهنم تحدث أصواتاً كنهيق الحمير عندما يلقى الكافر فيها، والفوران هذا غليان، يعني إذا اشتد حر جهنم تغلي وعند الغليان تصدر صوتاً كنهيق الحمير.

(تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8))

(تَمَيَّزُ): التميز التقطع.

والمعنى: من شدة النار تكاد تتقطع من شدة غيظها كلما ألقي فيها فوج سألهم الملائكة خزان النار أما بعث الله فيكم رسولاً؟ بقيتم على الكفر أم جاءكم رسول وكذبتموه؟

(قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9))

قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وما آمنا وقلنا ما نزل الله من شيء، ولم نكفر بالرسل فقط إنما قلنا لهم أنت على ضلال.

(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10))

ثم بين سبحانه وتعالى أحوال الكافرين إذا عاينوا العذاب، حيث يرجعون على أنفسهم بالندم ولا ينفع يومذاك ندم.

(فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11))

(فَسُحْقًا): السُحق هو البعد، والمعنى الطرد من رحمة الله.

(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12))

يبين الله تعالى عاقبة أهل الإيمان والرضا وعاقبتهم هي النعيم والمغفرة من الله رب العالمين.

(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13))

جاء في التفسير أنها نزلت في المشركين، كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم ويتناولونه بالألفاظ السيئة، كانوا يصفونه بالجنون، كانوا يقولون عنه إنه مجنون.

وكانوا إذا زادوا في الإيذاء قالوا لبعضهم: أسروا قولكم حتى لا يسمعكم إله محمد، فنزل قوله تعالى: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

والعبرة ليست بخصوص السبب، إنما العبرة بعموم اللفظ، إذا كانت الآية نزلت في المشركين، فهي تشمل كل المخلوقين.

الله تعالى من قدرته وإحاطة علمه أنه يعلم السر كما يعلم العلن، بل يعلم ما دون السر، ما يستسره الإنسان في نفسه يقال له سر، لكن يعلم حركة العين ويعلم همزها وغمزها، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

فمن علم أن الله تعالى يعلم سره كما يعلم علانيته ما وسعه إلا أن يكون أخشى الخلق لله، وما وسعه إلا أن يكون أتقى الخلق لله.

لذلك الرسل هم أخشى الخلق وأتقاهم، ثم يليهم في الخشية والتُقى العلماء، كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ). (سورة فاطر:28)

وبقدر الخشية التي في القلوب تكون النجاة في الدنيا والسعادة في الآخرة، لأن الله تبارك وتعالى وعد ووعده لا يخلف، وعد أنه مع من اتقاه، وعد أنه مع من يخافه، وعد أنه مع من يخشاه، قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ). (سورة النحل:128)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: الإمَامُ العَادِلُ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فَقَالَ: إنِّي أخَافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ). (صحيح البخاري:660)

الشاهد في الرواية: الرجل الذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ما ذكر الله في ملأ، إنما ذكره خالياً، ولما ذكره خالياً فاضت عيناه بالدمع لإيمانه بأن الله تعالى يسمع ويرى، لإيمانه بأن الله تعالى يعلم الخلوات، لإيمانه بأنه لا يخفى عن علم الله شيء ولا يُعجز الله تعالى شيء.

كذلك الرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، يخافه بالغيب كما يخافه بالشهادة، لذلك الله تعالى ذكر الناس فقال: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

أخاف أن أتكلم بصوت مسموع فتؤخذ علي، أو يسمعها فلان فيرفع بها دعوة علي، لكن لا يمنعني أن أتناوله في السر، لا يمنعني أن أتناوله في الخفى أقول هو لا يسمعني، وهذا والعياذ بالله نفاق.

كان المنافقون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءوه أعلنوا أمامه الرضا وأعلنوا أمامه الطاعة، وإذا خلوا بأنفسهم سبوه، ووقعوا في حقه صلوات الله وسلامه عليه.

لذلك ينبغي للمسلم أن يتفطن أحواله، وأن يعقل عن الله تعالى مراده، الله يعلم السر ويعلم العلن، فجدير بالمسلم أن يذكر الله تعالى في سره كما يذكره في علانيته، يخافه في سره كما يخافه في علانيته، يهابه في سره كما يهابه في علانيته.

(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14))

لا يعلم سر صنعة الله إلا من صنعها وهو الله تبارك وتعالى، هذا خُلِقَ كامل، والآخر خَلقه الله تعالى على صفة معينة، أفقده إحدى العينين أو أفقده إحدى الذراعين، ومع أنه افتقد أحد العينين أو الذراعين لكن الله تعالى يعلم سر هذه الصنعة.

فالله تعالى يُضمن جارحة أخرى فيميزها على باقي جوارح الناس، فقد تراه بذراع واحد وقد تراه قائداً لسيارة، يدخل من أضيق الطرق دونما اعوجاج أو دونما تخبيط في جدار أو دعم لإنسان، والآخر له ذراعان وله عينان لكنه لا يتحكم في سيارته إذا سار بها، عند ذلك تقول: سبحان الله العظيم.

لذلك لا يعلم سر صنعة الله إلا الله تبارك وتعالى، هو الذي أعطى وهو الذي منع، هو الذي بسط وهو الذي قبض، فهو عليم بكل شيء، عليم بأحوال العباد، عليم بهذا المخلوق لماذا أعطاه أربعة أصابع وعليم بهذا لم أعطاه ستة أصابع؟ عليم بهذا لماذا أعطاه من الولد وعليم بهذا لم منعه الولد؟

والله تعالى بين في سورة الشورى، قال الله تبارك وتعالى: (لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)).

لذلك الله أعلم بخلقه، هو لطيف في خلقه، فإذا ما نظرت إلى أحد دونك في الخِلقة فلا تستهزئ به ولا تسخر منه، ولكن قل: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من خلقه.

فالله تعالى يعلم لماذا جعل هذا الشخص على هذه الصفة أو على هذه الصورة، هو وحده العليم بعباده سبحانه وتعالى.

(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15))

(ذَلُولًا): يعني جعل الأرض سهلة منقادة لابن آدم إذا ضربها بمعوله أو بفأسه انقادت له، إن حرثها وبذر فيها سهلة تقبل البذر، إذا تعاهد البذر كبر ونمى وترعرع وأنتج بإذن الله تعالى.

لذلك أمر الله تعالى بالسعي في مناكب الأرض، والمنكب في الإنسان ما بين الكتف والعنق، ومناكب الأرض جبالها وفجاجها وطرقها، الله تعالى ذلل الأرض وأمرنا بالسير فيها، ما أمرنا بالتواكل، إنما أمرنا بالتوكل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنَّكم تَوَكَّلُونَ علَى اللهِ تعالَى حَقَّ تَوَكُلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كمَا يَرْزُقُ الطيرَ، تغدُو خِماصًا، وتروحُ بِطانًا). (صحيح الجامع:5254)

تأمل باركك الله في قول النبي صلى الله عليه وسلم، فالطير من توكلها أنها تسرح، تخرج في صبيحتها بخمص بجوع وتعود في عشيتها وقد امتلأت.

فلا تفهم من التوكل أن التوكل جلوس عن العمل، إنما التوكل أن تمشي في أرض لله للعمل، فالتوكل عند الآدميين المكلفين أن تمشي في أرض الله طلباً لرزق الله ثم في آخر نهارك ترجع وقد فتح الله.

أما الجالس عن العمل بدعوى أنه متوكل، هذا ليس بمتوكل، إنما هو متواكل، لذلك عمر رضي الله عنه وأرضاه، رأى أناساً يجلسون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون. قال: لا، بل أنتم المتواكلون.

المتوكل هو الذي يأخذ بالسبب، الله سهل الأرض لساكنيها وأمرنا بالمشي فيها، وذكر الله يوم النشور في الآية ليبين أنه سبحانه سيجازي كل إنسان على ما سعى.

لذلك في سورة النجم: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (41) وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ (42)).

في هذا دعوة للشباب، اخرج واطلب رزق الله في أرض الله، لا تجلس في البيت، ولا تجلس على قوارع الطرق، اذهب واطلب الرزق في أرض الله.

أبناؤنا حمل ثقيل علينا، أنا بذلت جهدي في أن أعلمه، واليوم أكمل تعليمه لكنه جالس في البيت، أخته البنت أشرف منه، أخته تقوم في أعمال البيت من خدمة، وطهي، وغسل، ومسح البيت، وتذهب للسوق، وهو جالس يطلب من أبيه مصروفاً، حمل ثقيل على أبيه وأمه.

أما المتوكل الذي يسعى في أرض الله ويأخذ بالأسباب، ثم بعد ذلك يفتح الله تبارك وتعالى.

(أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16))

يهدد الله تبارك وتعالى أهل الكفر والعصيان، ألا تخافون من الله تعالى أن يقلب الله الأرض بمن عليها، وقد فعل الله تعالى في أمم سبقت خسف بهم الأرض كما خسف بقارون (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ). (سورة القصص:81)

كانت سهلة، كانت مذللة، كانت منقادة، فلما أتاها أمر الله أصبح ما في أعلاها في أسفلها وما في أسفلها في أعلاها.

(أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17))

ألا تخافون أن يرسل الله عليكم ريحاً شديدة تقتلع الدنيا كلها، تدمر كل شيء، وتحطم كل شيء.

(وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18))

خذوا عظة من الأمم التي أهلكها الله قبل أمة النبي صلى الله عليه وسلم، الله تعالى ضمن للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يعذب أمته، وأن لا يهلكها كما أهلك من سبقها، (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (سورة الأنفال:33)، هذا ضمان من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن لا يأخذ أمته كما أخذ الأمم الماضية.

(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19))

أفلا أعملت نظرك إلى الطير في السماء، عند طيرانها تصف أجنحتها ثم تقبض الجناح، عند صف الجناح وبسطه من الذي يحملها ويحميها الوقوع؟ الله تعالى، وعند قبض الجناح من الذي يحميها كذلك في جو السماء؟ الله تعالى.

فالذي يحمي الطير عند صف جناحه وعند قبضه قادر على تعذيب الخلق.

(أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20))

كانوا يستشفعون بالأصنام، وكانوا يستنصرون بالأصنام، وكانوا إذا أرادوا سفراً جاءوا لأصنامهم وتقربوا إليهم طلبوا شفاعتهم، لكن هل الصنم ينصر صاحبه؟ هل الصنم يمنع الأذى عن نفسه؟ وفاقد الشيء لا يعطيه.

عمرو بن الجموح رضي الله تعالى عنه وأرضاه، صحابي جليل من أهل المدينة كان يعمل نجاراً وكانت عنده نقص في إحدى رجليه، وكان قد تأخر في الإسلام عن أولاده وأهل بيته، أهل بيته أسملوا وهو بقي على صنم يعبده.

فقام أبناؤه وأقارب له وأصدقاء وحملوا الصنم وغيبوه في البلد، فقام عمرو بن الجموح ليعبد صنمه ليعبد إلهه فلم يجد إلهه.

فسعى وبحث عنه فوجده في بئر للعذرة، استخلصه وغسله ونظفه ثم تقرب إليه، وقال له: يا إلهي هذا سيفي، إذا جاءك من يعاديك فدافع عن نفسك.

أتى الشباب في اليوم التالي، أخذوا الصنم وغيبوه في بئر أخرى، وأخذوا السيف وربطوا مكان السيف كلباً ميتاً، فقام عمرو بن الجموح ليعبد إلهه فلم يجده.

فبحث عنه ولما وجده استخلصه فلم يجد السيف، ووجد مكان السيف كلباً ميتاً، فوقف وقال: ويحك، إله مستذل، كيف لا تقوى على أن تدافع عن نفسك؟

وعند ذلك جاء التوفيق والسداد لعمرو بن الجموح، شاء الله لعمرو أن يولد من جديد، فقال: دلوني على محمد، فأسلم رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

وبعدما أسلم بقليل، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ليشارك واحد في الحرب، جاءت التعيين لولده معاذ أن يحارب مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد.

فذهب عمرو لولده وقال: يا بني، عُين فينا واحد. فقال ولده: يا أبتي، إنها الجنة. قال عمرو: يا بني، آثرني بها عن نفسك. قال الولد: يا أبتي، إنها الجنة. وما زال عمرو بولده يقول له: آثرني بها. ويرد عليه ولده: لن أعطيك ما عينني فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.

فذهب عمرو باكياً: يا رسول الله، إني لأجد ريح الجنة دون أُحد، وما زال به حتى دخل من خلف الصفوف وفي آخر اليوم كان وسط الشهداء.

لذلك الله تعالى ذكر المشركين، كنتم تستنصرون بالأصنام، هل الأصنام تغني عنكم شيئاً؟ هل الأصنام في الحروب تدافع عنكم؟

لو تحصن الناس خلف أشمل السلاح وأحدثه ولم يشأ الله بالنصر لا ينصرون، ولو تدرع إنسان بحصاه وشاء الله له النصر ينتصر.

ونحن كأمة انتصارنا ليس في كثرة العدد ولا في قوة السلاح، إنما انتصارنا في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

في غزوة بدر كان عدد المسلمين ثلث عدد المشركين، ونزل النصر على النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ). (سورة البقرة:249)

في غزوة حنين كان عدد المسلمين اثنى عشر ألفاً، فقالوا: لن نهزم اليوم من قلة وسننتصر، وسرعان ما دخلوا الغزو سرعان ما فروا ولم يبق إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عدد قليل.

ثم من بعدها لما ثبت النبي صلى الله عليه وسلم جاء المسلمون وقد ثبتوا كذلك بعد فرار، فنزل قول الله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ). (سورة التوبة:25)

فانتصارنا كأمة مسلمة ليست في كثرة العدد ولا في قوة العتاد، إنما نصرنا مرهون بنصر الله تبارك وتعالى، إن نصرنا الله ينصرنا الله تبارك وتعالى، لذلك الله يقول في القرآن: (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ). (سورة آل عمران:160)

(أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21))

كان الكافر يعبد الصنم، وإذا سألته من يرزقك؟ يقول: يرزقني الذي في السماء، من خلقك؟ يقول: خلقني من في السماء.

أين عقلك؟ الذي في السماء هو الذي أنزل لك الرزق وهو الذي خلق، فكيف تسجد لمن خلقته بيدك، ولا تسجد لمن خلقك بيده؟

الله تعالى هو الذي يُطعِم ولا يُطعَم، ويُطعِم ولا يَطعَم، هو الرزاق ذو القوة المتين، ضمن الأرزاق كما ضمن الآجال، ولكننا مع هذا ما زلنا إلى الآن نشك في الرزق، فلو أن الله منع الرزق من الذي يرزقنا من دونه؟ لا أحد.

(لَّجُّوا): اللجو من اللجاجة واللجاجة الإصرار، يعني مع علمهم بأن الرزاق هو الله إلا أنهم يصرون على الكفر.

(أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (22))

الآية في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل، انظر في المثل، انكباب الوجه يعني تنكيس الرأس، لا نظر أمام ولا نظر يمين ولا نظر شمال، هذا يتقي العثرات أم معرض للسقوط في أي لحظة؟ معرض للسقوط في أي لحظة.

رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي سوياً على صراط مستقيم، وأبو جهل يمشي منكوس الرأس لا يعرف أمامه ولا يمينه ولا شماله، وهذه الصورة للكفر عامة، الكافر هكذا، أما المسلم على طريق وعلى صراط رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (23))

ذكرهم يا محمد، وقل لهم إن الذي تستنكفون عن عبادته وتستكبرون هو الذي أنشأكم من لا شيء وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة.

(قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24))

(ذَرَأَكُمْ): ذرأ يعني خلق ووزع، خلق الخلق ووزعهم في الأرض، وحبب لكل مخلوق مكانه الذي يأوي فيه وإليه.

(وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (25))

عندما يسمعون هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم يقولون له: يا محمد متى هذا الوعد؟ متى سيرسل ربك عذابه؟ ومتى تقوم الساعة؟

(قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (26))

علم الساعة يعلمها الله تبارك وتعالى وحده، لم يطلع الله عليها رسوله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، فأنا مهمتي أن أُنذر وأُبشر وليس من مهمتي أن أقرأ الغيب عليكم.

(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27))

لما كانوا يستعجلون العذاب ورأوه قد نزل، الذل يغشاهم، الذل يهيمن عليهم، فلما رأوا العذاب قريباً اسودت وجوههم، ولم يسكت بعدها الكفار ولا المشركون، بل كانوا يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت والهلاك.

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28))

لو استجاب الله لكم وأماتني ومن معي فمن يمنعكم من عذاب الله تعالى؟

(قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (29))

قل هو الله تعالى توكلنا عليه، وستعلمون من هو في ضلال، نحن أم أنتم؟

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ (30))

انظروا في الماء الذي تشربوه، ماذا إن غار الماء في الأرض؟ فمن يأتيكم به؟

لا يأتي بالماء إلا من خلق الموت والحياة، لا يأتي بالماء إلا من مُلكه في الأرض والسماء، لا يأتي بالماء إلا من تكفل بالأرزاق لعباده.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *