تخطى إلى المحتوى

خطبة عن الاستعداد لشهر رمضان المبارك

مشاركة:

خطبة عن الاستعداد لشهر رمضان المبارك للشيخ محمد نبيه يوضح فيها كيف نستعد لشهر رمضان المبارك ونتقبل جود الله وفضله.

خطبة عن الاستعداد لشهر رمضان
خطبة عن الاستعداد لشهر رمضان

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ). (سورة آل عمران:102)

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). (سورة النساء:1)

أما بعد

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.

نعمة إدراك رمضان

عباد الله: كان بالأمس معنا أناس، وكانوا يتمنون على الله تعالى أن يدركوا رمضان لكن عُجل بهم وهم الآن في قبورهم، أماتهم الله تعالى وأبقانا، فهل أبقانا سبحانه وتعالى ليشقينا أم أبقانا ليجود علينا ويتفضل؟

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رجلان من بلي حي من قضاعة أسلما مع النبي صلى الله عليه وسلم، واستشهد أحدهما، وأخر الآخر سنة، قال طلحة بن عبيد الله: فأريت الجنة، فرأيت المؤخر منهما، أدخل قبل الشهيد، فتعجبت لذلك، فأصبحت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، أو ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أليسَ قد صام بعدَه رمضانَ، وصلى ستةَ آلافِ ركعةٍ، أو كذا وكذا ركعةً صلاةَ السَّنَةِ). (مسند أحمد:8399)

إذاً ما أخرك الله تعالى إلا ليجود عليك لكن هل أنت مهيأ لقبول جود الله تعالى؟ هل أنت مستعد بأن تتقبل فضل الله تبارك وتعالى في هذه الأيام؟

عباد الله: اعلموا أن الله تعالى لا يريد بعباده إلا الخير، قال تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا). (سورة النساء:27)

واعلموا أنه ما من طاعة إلا ولها سبل توصل إليها، ولها عوامل تعين على أدائها وفعلها، فالصلاة تستعد لها بالطهارة، والخُطى إلى المساجد، والتبكير، والقرب من الإمام، والإنصات.

استقبال شهر رمضان

كذلك في الصيام، لا بد من الاستعداد لشهر رمضان المبارك فأصحاب الشهوات استعدوا منذ أمد بعيد، وأوضحوا ما استعدوا به.

استعدوا بملهيات، تهدم الأسرة، وتقضي على التعليم، وتضرب القدوة، تهدم الأسرة بإشغالها في برامج الطبخ، وتهدم المعلم بالتقليل من قدره في أفلامهم ومسلسلاتهم، ويضربوا القدوة ويميتوه بالطعن فيه.

لذلك ترى في أفلامهم ومسلسلاتهم الطعن في أهل العلم، فإذا ما طعنوا في القدوة أماتوها، وإذا ما قللوا في قدر المعلم وأنقصوه أماتوا المعلم والتعليم، وإذا ما شغلوا الأسرة ببرامج الطبخ شغلوها عن العشاء والتراويح وأناموها عن الفجر.

والله تعالى قال هذا كما ذكرنا في الآية السابقة من سورة النساء: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).

فهل يا ترى ستكون في معية الله أو ستكون في معية أصحاب الشهوات؟

من أراد أن يحظى بمعية الله فما عليه إلا أن يلازم الصالحين، حتى يكون في عداد المقبولين.

أخي باركك الله، أأنت من المقبولين؟ أم لم تزل في قائمة المنتظرين؟

ينبغي أن تسائل نفسك.إذا كان عندك عزم على أن تكون من أهل القبول فلازم أهل القبول لازم أهل الصلاح، كن صالحاً في بيتك، كن صالحاً خارج بيتك.

كيفية الاستعداد لشهر رمضان المبارك

الرشد وعدم الإسراف

امتلأت البيوت عن آخرها بالطعام، لكن هناك بيوت لم يدخلها شيء، وهي تريد أن يدخلها، هناك أهل الفقر والمسكنة، هناك أهل الحاجة، هناك أهل العوز، هناك الأرامل، هناك اليتامى، هناك الغارمين.

كل هذه أحوال تتمنى أن يدخل بيوتها كما دخل بيوت الآخرين.

لذلك أخي باركك الله، الله تبارك وتعالى ما منعك أن تأكل أو تشرب أو تلبس، إنما منعك الإسراف قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). (سورة الأعراف:31)

نهى سبحانه وتعالى عن الإسراف لأنه لا يحب المسرفين لذلك في نفقتك على نفسك وأهل بيتك، وفي نفقتك على الغير، وفي نفقتك في وجوه الخير، لا بد أن تكون رشيداً حتى لا توصف بالسفه.

لأن الرشد مطلب عزيز، جاء الدعاء به في القرآن الكريم بمعنى الهداية: (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا). (سورة الكهف:10)

وجاء الرشد بمعنى الفعل الحسن والقول الحسن: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). (سورة البقرة:186)

فأهل الرشد أهل هداية، أهل الرشد أهل صلاح، أهل الرشد هم المرحومون من خلق الله.

لذلك جاء في صفات عباد الله المرحومين: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا). (سورة الفرقان:67)

لا تصل إلى حد الإسراف ولا تبقى مقتراً بخيلاً، إنما بين بين.

حال بيت النبي صلى الله عليه وسلم

لذلك أريد أن أُطلعك على بيت النبي صلى الله عليه وسلم لأنه هو القدوة، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، مِن خُبْزِ شَعِيرٍ يَومَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، حتَّى قُبِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ). (صحيح مسلم:2970)

الشعير في بلادنا لم يخبز، إنما اليوم الخبز من القمح من البُر وتمتلأ البطون به، وبيت النبي صلى الله عليه وسلم لم يشبع من فيه من خبز الشعير يومين متتابعين.

بل ولم يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان – السفرة أو المائدة – لم يأكل صلى الله عليه وسلم على خوان، ولم يأكل خبزاً مرققاً حتى مات صلوات الله وسلامه عليه.

الخبز المرقق الذي لا تنفك عنه السفرة اليوم في الإفطار وفي السحور، ما أكله النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات.

يا ترى ألفقر أم عوز؟ حاشا وكلا.

كان أول أمره صلى الله عليه وسلم غير واجد، ولو تمنى أن تكون الجبال ذهباً لكانت، وارتضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى على حاله يجوع يوماً ويشبع يوماً.

وفي آخر أمره فتح الله تعالى عليه، ومع الفتح ومع امتلاء بيت المال بالمال، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل خبزاً مرققاً.

ألحرمته؟ حاشا وكلا.

إنما كان يؤثر غيره على نفسه صلوات الله وسلامه عليه، إذا هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا بيته، هل بيوتنا على شاكلة بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟

النفقة على النفس والأهل

في النفقة على نفسك وأهلك كن رشيداً، قال الله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا). (سورة الطلاق:7)

في النفقة على النفس والأهل لا تكن كالسفهاء، تضيع المال وتتلفه، ولا تكن كالباخلين، إنما كن بين بين.

وكل على قدر حاله، للموسر نفقة، وللمعدم نفقة، إذا ما عاش الموسر حياة المعدمين، تمنى بنوه أن يموت حتى يروا من فتح الدنيا وبهرجتها، وإذا ما عاش المعدم حياة الموسرين، كان مآله إلى السجن والحبس.

لذلك لينفق ذو سعة من سعته، ومن ضُيق عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله.

ثم اعلم باركك الله، أنه جاء في السنة النبوية من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلوا وتصدَّقوا، والبَسوا في غيرِ إسرافٍ ولا مَخيَلةٍ). (صحيح النسائي:2558)

كُل لكن لا تسرف ولا تختال، واشرب الطيب اللذيذ لكن لا تسرف ولا تختال، والبس الجميل الحسن لكن لا تسرف ولا تختال، وتصدق ولكن لا تخرج من جميع مالك ولا تختال.

هذا هو الرشد الذي ينبغي أن يتخلق به الطامع في رحمة الله تعالى وجوده وفضله.

لذلك النفقة على الغير، على أهل الفقر والمسكنة، ما في وسعك فابذله، وإن استطعت أن تنفع أخاك فانفعه.

نفع الغير

عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: كان لي خال يرقي من العقرب، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، قال: فأتاه، فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى، وأنا أرقي من العقرب، فقال: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُم أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ). (صحيح مسلم:2199)

جئت بالرواية لأبين لك المناسبة التي قيلت فيها هذه الجملة الشريفة، من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل.

وسع لك مضمار، وسع لك ميدان السبق، ما استطعت من بذل معروف فابذله ولا تبخل به، ولا تحتقر المعروف وإن كان صغيراً.

كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا تحقِرَنَّ مِن المعروفِ شيئًا ولو أنْ تُفرِغَ مِن دَلوِك في إناءِ المُستسقي، وأن تلقَى أخاك ووجهُك إليه مُنبسِطٌ). (صحيح الجامع:98)

أي معروف، إن كنت طامعاً أن تكون من المقبولين المرحومين، فلا تحقرن معروفاً وإن صغر، ابذل المعروف لأهله ولغير أهله، إن أتاك السائل ومعك من الخير فأعطه، ولا تسأله عن مذهبه، أعطه لفقره ولا تسأله عن مذهبه.

إذا هذا هو التعامل مع الغير، وكل هذا في ميزانك ستجده يوم القيامة، والله قال في كتابه: (وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ). (سورة محمد:35)

صلة الرحم

كذلك من الاستعداد لشهر رمضان أن تجلس مع بنيك وأهلك، وتعرفهم على أقاربهم حتى إذا عُجِلَ بي استدار على أقاربه فوصلهم، ومن صلة الميت صلة أقاربه.

وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعلَّموا من أنسابِكم ما تَصِلون به أرحامَكم ؛ فإنَّ صلَةَ الرَّحِمِ محبَّةٌ في الأهلِ ، مَثراةٌ في المالِ ، مَنْسَأَةٌ في الأثَرِ). (صحيح الترغيب:2520)

علم ولدك أقاربه، إن متُ وعُجِلَ بي ووصلهم جاء هذا في ميزاني، هذا من صلة الميت أن تصل أهل وده كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

من منا ذهب لأخته، أو ذهب لعمته، أو ذهب لخالته، أو ذهب لقريبته، أو قريبه، في أول ليلة في رمضان؟

كان هناك زمان في المناسبات يسمونها مواسم، وعلقوا الصلة على المواسم، وأصبحت لازمة سيئة، لا يذهب الإنسان إلى رحمه إلا في المواسم، يعودها أو يزورها أربع مرات في السنة.

الصلة ليست هكذا، الصلة أن تذهب بنفسك ولو كنت فارغ الوفاض، لو لم يكن معك شيء، ذهابك إلى الرحم صلة، وسؤالك عنها صلة، ومباشرتك لأحوالها صلة.

يمرض المريض ولا يعرف به أحد، ويموت الميت ولا يعرف به أحد، لماذا؟ لأننا قطعنا روابط الصلة.

قلت الإعلام استعد لنا بما يلهينا، استعد لنا بما يقصينا، استعد لنا بما يبعدنا عن الله تعالى وطاعته، ونحن استمرأنا هذا واستعذبناه، وأصبحنا في ركابه، وابتعدنا عن الهدى.

لذلك أقاربك أرحامك هم أولى الناس بمعروفك، لأن معروفك إن وصل إلى رحمك كان بأجرين، أجر المعروف وأجر الصلة.

الصدقة

عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود رضي الله عنها وعن زوجها قالت: كنت في المسجد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (تَصَدَّقْنَ ولو مِن حُلِيِّكُنَّ) وكانت زينب تنفق على عبد الله، وأيتام في حجرها، قال: فقالت لعبد الله: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ فقال: سلي أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب، حاجتها مثل حاجتي، فمر علينا بلال، فقلنا: سل النبي صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق على زوجي، وأيتام لي في حجري؟ وقلنا: لا تخبر بنا، فدخل فسأله، فقال: من هما؟ قال: زينب، قال: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله، قال: (نَعَمْ، لَهَا أجْرَانِ، أجْرُ القَرَابَةِ وأَجْرُ الصَّدَقَةِ). (صحيح البخاري:1466)

فأولى الناس بمعروفك قرابتك، لأن قرابتي محسوبين علي، يمتنع الناس عن الذهاب إليهم لأنهم أقاربي، محروم من الناس ومحروم من عطائي، ضاع، لم يعد في خبر كان ولا حتى في خبر عسى.

لذلك أنت قد ظللت على قريبك، ومنعته صدقة الآخرين وبخلت عليه، قتلته، فيأتي في القيامة يتعلق برقبتك ويسأل الله تعالى هذا قتلني.

لذلك أولى الناس بمعروفك أهل قرابتك، لك بهذا أجران، أجر على الصدقة وأجر على الصلة.

إذا أخي الكريم هكذا أهل الرشد، فالزم الرشد وكن من أهله، لعل الله تعالى أن يجود عليك فيقبله، نسأل الله تبارك وتعالى الثبات وحسن الخاتمة.

آداب الصيام

واعلم أخي الكريم أن السلف ما كانوا يعدون العبادة الصلاة والصيام، إنما كانوا يعدون العبادة الصيانة عن الأعراض.

قال عمر بن عبد العزيز: العبادة أن تصون لسانك عن أعراض الناس.

وقال سفيان الثوري: هذا زمان لزوم البيوت.

يعني لا تأخذ عرض أخيك وتتفكه به، إنما إذا اشتغل الناس في هذا الزم بيتك وأمسك لسانك، حافظ على صيامك، أي كذب أي خبث يجعل الصيام بلا أثر.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ). (صحيح البخاري:1903)

واعلم باركك الله أن الشبع يُلهي ويُمرض، قد يصوم طول النهار ويصبر، لكن عند الإفطار يملأها عن آخره، فينام لا يقوم ليله ولا يشهد فجره.

كان أحد الصحابة رضي الله عنهم اسمه أبو جحيفة كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد أكل خبز بُر بدهن، فتجشأ.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكفُفْ عليكَ جُشاءَكَ أبا جُحَيفةَ فإنَّ أكثَرَ النَّاسِ شِبَعًا في الدُّنيا أطوَلُهم جوعًا يومَ القيامةِ). (المعجم الأوسط:8/378)

فحتى لا تجوع يوم القيامة كن بين بين، لا تشبع ولا تجوع، كن بين الشبع والجوع لا تمرض، ولا تتلف منك المعدة، ولا ترهق.

لذلك هكذا فكن، كن رشيداً أيها الصائم، اللهم تقبل صيامنا وتقبل قيامنا واجعلنا من أهل القبول يا رب العالمين.

مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *